الجمعة، 11 سبتمبر 2015

المعروف لايضيع ولاينسى


يحكي أن قوماً خَرَجُوا إلى الصيد في يوم حار فإنهم لكَذَلك إذ عَرَضَتْ لهم أُمَّ عامرٍ وهي الضبع
فطَرَدُوها وأتبعتهم حتى ألجؤها إلى خِباء أعرابي فاقتحمته (اي لحقوا بها فدخلت إلى بيت أعرابي)
فخرج إليهم الأعرابي وقَال : ما شأنكم ؟
قَالوا : صَيْدُنا وطَريدتنا
فَقَال : كلا والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثَبَتَ قائمُ سيفي بيدي .
( رفض الاعرابي ان يقتلوها)
قَال : فرجَعُوا وتركوه ،
وقام إلى لِقْحَةٍ " ناقة " فحلَبَهَا وماء فقرب منها فأقبلت تَلِغُ مرّةً في هذا و مرّةً في هذا
حتى عاشت واستراحت
فبيناالأعرابي نائمٌ في جَوْف بيته إذ وّثَبَتْ عليه فبَقَرَتْ بطنه و شربت دَمَه و تركته
فجاء ابن عم له يطلبه فإذا هو بَقِيرٌ في بيته فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها
فَقَال : صاحبتي والله فأخذ قوسه و كنانته و اتبعها فلم يزل حتى أدركها فقتلها
وأنشأ يقول :
وَ مَنْ يَصْنَعِ المَعْرُوفَ معْ غَيرِ أَهْلِهِ
يُـلاَقَ الَّذي لاَقَى مُجِيرُ امِّ عَامِرِ
أدامَ لها حِينَ استَجَــارَتْ بقُرْبِهِ
لهـا محْضَ ألبَانِ اللقَــاحِ الدَّرَائِرِ
وَ أَسْمَنَهَا حَتَّى إذَا مَـا تَكَـامَلَتْ
فَــرَتْهُ بأنْيَــابٍ لَهَـــا وَ أظَافِرِ
فَقُلْ لِذِوِي المَعْـرُوفِ هَذَا جَزَاءُ مَن
بَدَا يَصْنـعُ المَعرُوفَ فِي غَيْرِ شَاكِرِ

و حكى بعضهم قال: دخلت البادية فإذا أنا بعجوز بين يديها شاة مقتولة و إلى جانبها جرو ذئب
فقالت: أتدري ما هذا
فقلت لا
قالت: هذا جرو ذئب أخذناه صغيرا ًو أدخلناه بيتنا و ربّيناه فلما كَبُرَ فعل بشاتي ما ترى
و أنشدت:
بقرت شويهتي و فجعت قومي
و أنت لشاتنــــا ابن ربيب
غذيت بدُرّها و نشأت معهـــا
فمن أنبــاك أن اباك ذيب
إذا كان الطِباعُ طِبـــاعَ سُوءٍ
فلا أدب ٌيفـــيد و لا اديب

يقول المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
و إن أنت أكرمت الَّلئيم تمرَّدا
جمع كسرى مرازبته وعيون أصحابه ، فقال لهم : على أي شيء أنتم أشد ندامة؟
قالوا : على وضع المعروف في غير أهله ، و طلب الشكر ممن لا يشكره.
قال الشاعر :
و زهَّدني في كلِّ خيرٍ منعته
إلى النَّاس ما جرَّبت من قلَّة الشُّكر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق