الأحد، 28 فبراير 2016

التقليد الاعمى!


اراد شيخ الترفيه عن الذين يحضرون درسه في المسجد، وذلك بإلقاء دعابة عليهم وليري مدى تأثيرها عليهم، فقال:

إن أفضل سنوات حياتي كانت في حضن امرأة لم تكن زوجتي!

انصدم الحضور، ودهشوا من كلامه!

فأستطرد بعدها قائلا: نعم .. لقد تربيتُ في حضن أمي!

فكبَّر الجميع و بعضهم دمعت عيناه!

 فرجع أحد الحضور إلى البيت، وأراد أن يقلد الشيخ فقال لزوجته و هي تحضِّر له العشاء:

إن أفضل سنوات حياتي كانت في حضن امرأة لم تكن زوجتي!

لكنه للاسف لم يستطع إكمال كلامه، فقد غاب كليآ عن الوعي!

 ولم يعد له وعيه إلا وهو على سرير في المستشفى من جراء حروق الماء المغلي الذي القي على وجهه!

الدرس المستفاد:

التقليد الاعمى ليس آمناً دوما حاول ان تترك بصمتك على كل الامور .. فلكل منا طريقتة لفهمه للاشياء!

كن إيجابيا


كان هناك إمبراطوراً في اليابان يقوم بإلقاء قطعة نقدية قبل كل حرب يخوضها، فإن جاءت صورة يقول للجنود "سننتصر" وإن جاءت كتابة يقول لهم "سنتعرض للهزيمة".

لكن الملفت في الأمر أن هذا الرجل لم يكن حظه يوماً كتابة، بل كانت دوماً القطعة تأتي على الصورة وكان الجنود يقاتلون بحماس حتى ينتصروا.

مرت السنوات وهو يحقق الانتصار تلو الأخر. تقدم به العمر فجاءت لحظاته الأخيرة وهو يحتضر، فدخل عليه ابنه الذي سيخلفه وقال له: " مولاي، أريد منك تلك القطعة النقدية لأواصل تحقيق الانتصارات".

فأخرج الإمبراطور القطعة من جيبه ، فأعطاه إياها .. فنظر الابن، فوجد الوجه الأول صورة وعندما قلب القطعة .. تعرض لصدمة كبيرة فقد كان الوجه الأخر صورة أيضا.ً

قال لوالده الامبراطور: "لقد خدعت الناس طوال هذه السنوات .. ماذا أقول لهم الآن .. أمبراطوركم البطل مخادع؟!".

فرد الإمبراطور قائلاً: "لم أخدع أحداً.

هذه هي الحياة عندما تخوض معركة يكون لك خياران .. الانتصار والخيار الثاني .. الانتصار.

فالهزيمة تتحقق .. اذا فكرت بها، والنصر يتحقق .. اذا وثقت به.

لانتغلب على هموم الحياة بالحظ، ولكن بالثقة بالله، و ارادة النفس.

الأربعاء، 24 فبراير 2016

فيكتورين / رينيل / جوليان «قصة حب»


في فترة ما ﺑ « فرنسا » .. كانت هناك فتاة جميلة جداً تدعى"فيكتورين لافوركاد" وكانت من أسرة ثرية ونبيلة، وكانت"فيكتورين" تقيم في قصر كبير وبالغ الفخامة، وكانوا دائماً يقيمون الحفلات في هذا القصر ويدعون على هذه الحفلات نجوم المجتمع الفرنسي، وفي أحدى الحفلات التقت"فيكتورين" بشاب وسيم يدعى"جوليان بوسويه"، وكان "جوليان"بارع في الحديث ومحبوب جداً ولكنه كان فقير، أحب "جوليان"الفتاة الثرية "فيكتورين" وتقدم لخطبتها ولكنها رفضت وفضلت عليه شاباً ثرياً من أسرة عريقة يدعى"رينيل".

 وتزوجت"فيكتورين"من الشاب الثري"رينيل"، وبعد الزواج اكتشفت أنه فظ وغليظ القلب وقاسي جداً وأنه سيء التعامل، فلم تحتمل"فيكتورين"كل هذا ومرضت مرضاً خطيراً، وبقيت في فراشها حتى ظهرت عليها علامات الموت، فدفنوها في مقبرة القرية القريبة من القصر والتي ولدت فيها.

 علم"جوليان"بخبر وفاتها، وذهب الى قبرها وكان يتمنى أن يحتفظ بشيء من أثرها، فخطرت بباله أن يأتي للمقبرة بعد منتصف الليل وأن يفتح التابوت ويأخد خصلة من شعرها، وفعل "جوليان"ذلك، وعندما اقترب من رأس"فيكتورين"ليأخذ خصلة من شعرها فاذا ﺑ"فيكتورين"تهتز وترتعش ومن ثم فتحت عيناها، صعق "جوليان" ولكنه تمالك قواه وحملها بين ذراعيه وذهب الى بيته وأسعفها.

 عاد "جوليان" الى المقبرة وأغلق التابوت حتى لا يعلم أحد بأن "فيكتورين" مازالت على قيد الحياة، بقيت "فيكتورين" في منزل "جوليان" عدة أسابيع حتى استرجعت صحتها، وثم اتفقت "فيكتورين" و "جوليان"على السفر الى امريكا ليبدآن حياة جديدة.
 
بعد عشرين سنة عادا الى باريس بعد شوق وليقضيا اجازة قصيرة، أحدى الحفلات كانت "فيكتورين" و "جوليان" مدعوين، وارتشعت "فيكتورين" عندما شاهادت "رينيل" واقفاً ينظر اليها، وتقدم نحوها وقال لها : انك تشبهين كثيراً سيدة أعرفها. فزعت "فيكتورين"، وبقي "رينيل" يحدق اليها ويتأمل جسدها، وتوقف نظره الى يدها اليسرى، تجمد الدم في عروق "فيكتورين" لانها تذكرت أنه قذفها مرة بقطعة حديد أصابت يدها اليسرى وتركت آثاراً.

عرفها "رينيل" من الجرح الذي بيدها وقال لها أنها "فيكتورين"، فما كان أمام "فيكتورين" الا الاعتراف بكل شيء، وغضب "رينيل" كثيراً وطلقها، وبهذا أصبح بأمكانها أن تتزوج من "جوليان"، وأقاما حفل زفاف كبير وأكملا حياتهما بسعادة تامة وعادا الى أمريكا.

الثلاثاء، 23 فبراير 2016

الوفاء


كان هناك فيما مضى.. شاب ثري ثراءا عظيماً وكان والده يعمل بتجارة الجواهر والياقوت وكان الشاب يؤثر على اصدقائه ايما إيثار وهم بدورهم يجلّونه ويحترمونه بشكل لا مثيل له.
ودارت الايام دورتها، ويموت الوالد، وتفتقر العائلة افتقارا شديدا.. فقلب الشاب ايام رخائه ليبحث عن اصدقاء الماضي.

فعلم ان أعز صديق كان يكرمه ويؤثر عليه وأكثرهم مودةً وقرباً منه قد اثرى ثراء لا يوصف واصبح من اصحاب القصور والاملاك والضياع والاموال.

فتوجه اليه عسى ان يجد عنده عملاً أو سبيلاً لإصلاح حاله فلما وصل باب القصر استقبله الخدم والحشم فذكر لهم صلته بصاحب الدار وماكان بينهما من مودة قديمة فذهب الخدم فاخبروا صديقه بذلك. فنظر اليه ذلك الصديق من خلف ستار ليرى شخصا رث الثياب عليه آثار الفقر فلم يرض بلقائه وأخبر الخدم بان يخبروه ان صاحب الدار لا يمكنه استقبال أحد..!

فخرج الشاب والدهشة تأخذ منه مأخذها وهو يتألم على الصداقة كيف ماتت وعلى القيم كيف تذهب بصاحبها بعيدا عن الوفاء وتساءل عن الضمير كيف يمكن ان يموت وكيف للمروءة ان لا تجد سبيلها في نفوس البعض..!

ومهما يكن من أمر فقد ذهب بعيدا ولن يعود .. وقريبا من دياره صادف ثلاثة من الرجال عليهم أثر الحيرة وكأنهم يبحثون عن شيء .. فقال لهم ما أمر القوم قالوا له، نبحث عن رجل يدعى فلان ابن فلان وذكروا اسم والده.

فقال لهم انه ابي وقد مات منذ زمن، فحوقل الرجال وتأسفوا وذكروا أباه بكل خير وقالوا له ان اباك كان يتاجر بالجواهر وله عندنا قطع نفيسة من المرجان كان قد تركها عندنا امانة فاخرجوا كيسا كبيرا قد ملئ مرجانا فدفعوه اليه ورحلوا والدهشة تعلوه وهو لا يصدق ما يرى ويسمع!

ولكن .. اين اليوم من يشتري المرجان فان عملية بيعه تحتاج الى اثرياء والناس في بلدته ليس فيهم من يملك ثمن قطعة واحدة.

مضى في طريقه وبعد برهة من الوقت صادف امرأة كبيرة في السن عليها آثار النعمة والخير .. فقالت له يا بني اين اجد مجوهرات للبيع في بلدتكم فتسمر الرجل في مكانه ليسألها عن اي نوع من المجوهرات تبحث فقالت اي احجار كريمة رائعة الشكل ومهما كان ثمنها..

فسألها ان كان يعجبها المرجان فقالت له نعم المطلب فأخرج بضع قطع من الكيس فاندهشت المرأة لما رأت فابتاعت منه قطعا ووعدته بأن تعود لتشتري منه المزيد
وهكذا عادت الحال الى يسر بعد عسر وعادت تجارته تنشط بشكل كبير.

فتذكر بعد حين من الزمن ذلك الصديق الذي لم يؤدي حق الصداقة فبعث له ببيتين من الشعر بيد صديق جاء فيهما:

صحبت قوما لئاما لاوفاء لهم.....يدعون بين الورى بالمكر والحيل
كانوا يجلونني منذ كنت رب غنى....وحين أفلست عدوني من الجهل

فلما قرأ ذلك الصديق هذه الأبيات كتب على ورقة ثلاثة أبيات وبعث بها إليه جاء فيها:

أما الثلاثة قد وافوك من قبلي.....ولم تكن سببا إلا من الحيل
أما من ابتاعت المرجان والدتي.....وأنت أنت أخي بل منتهى أملي
وما طردناك من بخل ومن قلل......لكن عليك خشينا وقفة الخجل

هل يحتاج الظالم لسبب كي يتجبر؟!


ذهب الحمار منفعلا إلى الاسد وسأله:

ألست أنت كبير الغابة؟ فأجاب الأسد: بلى ماذا حدث ؟

فقال الحمار: النمر يضربني على وجهي كلما رآني ويسألني لماذا لا ترتدي القبعة؟ لماذا يضربني وعن أي قبعة يتكلم؟

فأجاب الأسد : اترك لي هذا الموضوع

وعندما التقى الاسد والنمر سأله ما هو موضوع القبعة تلك؟

فأجاب النمر: مجرد سبب لكي أضربه!

فقال الأسد: ابحث عن سبب وجيه، مثلا اطلب منه إحضار تفاحة فإذا أحضرها صفراء اصفعه وقل له لماذا لم تأت بها حمراء؟ وإذا احضرها حمراء اصفعه وقل له لماذا لم تاتي بها صفراء؟

فأجاب النمر: فكرة جيدة .. وفى اليوم التالي طلب النمر من الحمار إحضار تفاحة فنظر له الحمار وسأله: أتريدها حمراء أم صفراء؟

عندئذ ارتبك النمر وتمتم قائلآ: حمراء أم صفراء؟

ثم ضرب الحمار وقاله : لماذا لا ترتدي القبعة؟

فالظالم لا يحتاج سبباً كي يظلم!

الأحد، 21 فبراير 2016

صاحبة المفتاح الضائع


أمام تلك اللوحة التي تعبر عن خبايا القلب وقفت تلك اللوحة التي تخيم سحائب الحزن عليها ويغطي معظمها سواد قاتم وقفت أتأمل وأعيد شريط ذكرياتي إلى الوراء. ظننت للحظة أنني نسيت ولكن هيهات حينما يكون الشخص عزيزا على النفس فلن نستطيع نسيانه عندما تكون أكبر نعمة هي الذكرى. عندها سنداوي ألم الفراق بابتسامة خفيفة نستشف منها صور الذكريات. سقطت دمعة من عيني عند تذكري لأيام مضت من عمري قضيتها معها .. لكن رحلت وتركتني .. إنها صاحبة المفتاح الضائع هكذا أستطيع أن أسميها، أو هذا هو لقبها المفضل، كثيرا ما كانت تنسى مفتاحها أينما ذهبت وكل اللوحات التي كانت ترسمها مذيلة بتوقيع في أسفل اللوحة صاحبة المفتاح الضائع.

تبدأ القصة منذ انتقالها إلى مدرستنا وقد مضى من الدراسة ما يقارب الشهر .. كانت تكبرني بثلاث سنوات مكثت تلك السنوات الثلاث في المستشفى لأسباب صحية مر أسبوع على حضورها وبدأت مع الأيام تزداد شعبيتها بين الطالبات بل وكل من يتعرف عليها .. في الحقيقة كانت مرحة وابتسامتها العذبة لا تفارق شفتيها وكانت كالطفلة البريئة الجميلة وعندما تقع عينيك عليها تحس بأنك لم تري أجمل منها وبدأ يصل إلى مسامعي حديث الطالبات والمدرسات عنها في المدرسة. وبل وفوق ذلك عُلق الكثير من لوحاتها في أرجاء المدرسة .. وسط تلك الأحداث كنت أراقب عن كثب.

في البداية لم يشغلني هذا الأمر ولكن مع الأيام.بدأ الفضول يتسلل إلى قلبي من تكون هذه الفتاة لتجذب أنظار الجميع وماذا عن صاحبة المفتاح الضائع وهل هي فعلا شخصية غير عادية كما يزعم الجميع كل تلك الأحداث كانت تشوقني إلى معرفة تلك الفتاة، وبدأ القدر يلعب لعبته.

ذات مرة .. كنت أتمشى في أرجاء المدرسة فاستوقفتني إحدى لوحاتها المعلقة ولكن تلك اللوحة ليس من المبالغ أن أقول بأنني لم أر أجمل منها فاللوحة لم تكن تحمل معنى الرسم فحسب. بل كانت لحسنها تكلم الناظر إليها لقد أمعنت النظر فيها. ماذا تحاول أن تقول صاحبة اللوحة. وتلك الألوان الزاهية التي تعكس النفس المشرقة والروح الشفافة. مذيلة بتوقيعها المعتاد، بدأت أقتنع أنها فعلاً متميزة.

جذبتني تلك اللوحة كثيرا بل وكانت السبب في بداية علاقتي بها كنت كثيرا ما أراها جالسة وبيدها تلك اللوحة والفرشاة وما كان يثير الانتباه هو تحريكها للفرشاة بخفة ومهارة كما يغلب على لوحاتها طابع الإشراق والتفاؤل، وبدأت أملّ من مجرد المراقبة ولمّا هممت أولى خطواتي في التعرف عليها .. حدث ما لم يكن في الحسبان.الخبر الذي ضجت المدرسة من أجله الكل متأثر قلق. صاحبة المفتاح الضائع في المستشفى كان يدهشني هذا الحب الكبير لها لماذا وهل هي تستحق ذهب الجميع لزيارتها، فلم أتسلل تسلل المتطفلين بل اكتفيت بأن أرسلت إليها باقة ورد مع رسالة كتبت لها فيها: الصداقة قطار يركب فيه كل من له قلب خالص ونية صادقة، وأي إنسان يبحث عن صديق خال من العيوب فسيظل بدون صديق فهلا قبلت صداقتي.

لم أجد ردا على رسالتي حتى بعد خروجها من المستشفى هل ذلك تجاهل أم ماذا لم أكن أدري .. أدخل عدم اهتمامها برسالتي الحزن إلى قلبي .. فلم أدع لليأس طريقاً إلى قلبي فأرسلت إليها رسالتي الثانية ذكرت لها هذه الكلمات: إذا اتبعت الناس فلن تتقدمي عليهم وإذا مشيت بمفردك وسطهم فقد تصلي إلى ما لا يصل إليه غيرك ولك الإختيار في الحياة أما أن تذوبي بين الآخرين أو تكوني شخصا متميزاً فكوني شخصاً مختلفاً، ولكي تكوني شخصا مختلفا عليك أن تحققي شيئا لا يستطيع غيرك تحقيقه وأظنك هكذا.

وفي اليوم التالي وجدت الرد على رسالتي ولكن بحق هو رد مختلف من شخص مختلف حيث أرسلت لي لوحة تخبرني من خلالها أنها قبلت صداقتي وقرأت في أسفل اللوحة هذه الكلمات جميل أن نكون أصحاب رسالة ورائع أكثر أن نكون أصحاب مبادئ، بديع أن ننشرها، عظيم أن يتقبلها الله صاحبة المفتاح الضائع ومنذ قرأت تلك الكلمات أدركت حينها سر تلك المحبة، فشخص يستطيع أن يكتب مثل تلك الكلمات عظيم جداً ويستحق كل هذا الحب من الناس. أسعدت كثيراً بردها على رسالتي وذهبت في اليوم التالي لأراها ولأول مرة عن قرب رأيتها جالسة وكالعادة في مكانها المعتاد ناديتها .. صاحبة المفتاح الضائع التفتت إلي ..فرأيت ذلك الوجه الطفولي الجميل عن قرب.

حدثتني .. شكرا على كلماتك الرقيقة، لم أتجاهل رسالتك الأولى بل أردت التأكد من صدق تلك الكلمات فرأيت الجواب في رسالتك الثانية. ومنذ تلك اللحظة لم أفارقها وأصبحت من أقرب الناس إلى قلبي، ومع الأيام بدأت أكتشف معدن تلك الإنسانة. لا عجب فهي تستحق كل ذلك الحب. لم أرى قلباً صادقاً نقياً كقلبها. شفافة الروح جميلة الشكل لطيفة في التعامل .. قضيت معها أجمل اللحظات. علمتني كيف يستطيع الإنسان أن يكون كالوردة العطرة تفوح برائحتها الجميلة فتجذب كل من يقترب منها وأكثر ما تعلمته منها هي تلك العبارة التي كانت دائما ما ترددها.

إن أجمل خيوط أشعة الشمس يراها من يجاهد ليخترق طريقه بين السحاب وهذا ما كانت تعبر عنه معظم لوحاتها. أهدتني الكثير من لوحاتها الجميلة ومضت الأيام. وكم جميلة هي الحياة عندما تمضي دونما يعكر صفوها شيء لكن من المحال دوام الحال. وجاء ذلك اليوم. السماء ملبدة بالغيوم. أمطرت كثيرا. لم تكن موجودة في مكانها المعتاد. لم تحضر إلى المدرسة ثلاثة أيام. أقلقني الصوت الحزين الذي لم أعتد على سماعه في الهاتف. وفي اليوم التالي جاءتني تقول. سنرحل .. لم تقل سوى كلمة سنرحل.إلى أين لا أدري دون وداع رحلت تاركة هذه اللوحة.

رحلت وتركت للأحزان أبواباً مشرعة إلى قلبي. وتركت بقلبي جرحاً لن تداويه السنين. وبقيت وحدي أجمع الذكرى خيوطاً واهية. جاء صوت يناديني هيا إلى العشاء. لا أدري كم من الوقت وقفت أمام تلك اللوحة؟ لكن أظنه وقت طويل ذكرت نفسي فيه بجرح كان ينبض بالحنين.

الأحد، 14 فبراير 2016

سياسة البيض المسروق!


يُحكى أن أحد الملوك كان يحكم شعبا حرا كريما، وكان هذا الشعب رغم طيبته وبساطته وعلاقاته الطيبة لا يسكت على باطل أبدا، ولا يدع الملك أو أي وزير من وزرائه يظلمون أحدا منهم، فإذا ظُلم أحدهم وقفوا وقفة رجل واحد حتى يُرد الظلم عن أخيهم.

أخذ الملك في حيرته يسأل وزراءه عن الحل.. وكيف له أن يحكم هذا البلد كما يريد، فخرج من وزرائه رجل داهية فأشار عليه باتباع سياسة يسميها « سياسة البيض المسروق ».

نادى في الناس أن الملك يريد من كل رب أسرة خمس بيضات من أي نوع.. فقام الناس بجمع البيض والذهاب به إلى قصر الحاكم.. وبعد يومين نادى المنادي أن يذهب كل رجل لأخذ ما أعطاه من البيض.. فاستجاب الناس وذهب كل منهم لأخذ ما أعطاه… وهنا وقف الوزير والملك وحاشيتهم وهم يتابعون الناس أثناء أخذ البيض.. ترى ما الذي وجدوه؟

وجدوا كل واحد تمتد يده ليأخذ البيضة الكبيرة!! والتي ربما لم يأتِ بها. هنا وقف الوزير ليعلن للملك أنه الآن فقط يستطيع أن يفعل بهم ما أراد.. فقد أخذ الكثير منهم حاجة أخيه وأكل حراما، ونظر كل منهم لما في يد الآخر فلن يتجمعوا بعدها أبدا.

لا عجب في ذلك فقد أشار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لِمن كان مأكله حرام وملبسه حرام ومشربه حرام ويدعو الله فأنّى يستجاب له.

من هنا لجأت بعض الحكومات لانتهاج نفس السياسة، تجويع الناس ليقوموا باللجوء إلى المال الحرام ولو في أبسط صوره، وجعلها طبقات فينشأ الحقد والحسد بين الناس وهو ما يجعلهم يستطيعون حكم شعوبهم.

وعندما مر الزمن وقامت فئة واعية تبصر ما فعله الملك بشعبه أخذوا يثورون ويطالبون بحق الشعب في الحياة الطيبة، فلجأ الملك للوزير الذي أشار عليه بسياسة جدول الضرب.

فما هذه السياسة؟
أن يستخدم الملك العمليات الحسابية: الجمع والطرح والضرب والقسمة.. في تعامله مع هذه الفئة التي تطالب بحقوقها وحقوق الوطن…كيف؟ أولا يبدأ بعملية الجمع.. فيجمع ما استطاع منهم حوله بأن يتقلدوا المناصب ويأخذوا الأموال والأوسمة فينسوا القضية بعد أن يكسر الملك عيونهم بفضله عليهم.

أما الفئة التي تظل على موقفها وبالضرورة هم قلة فيلجأ الملك للطرح.. فيطرحهم أرضا بتلفيق القضايا واستخدام نقطة الضعف في كل واحد منهم وبذلك يتواروا عن الأنظار إما خجلا أو خلف غياهب السجون، شرط أن تكون كل القضايا بعيدة عن خلافهم مع الملك.. أي يكون التدبير محكما ونظيفا.

أما من تبقى وهم قلة القلة فإذا خرجوا يهتفون وينددون فالرأي أن يلجأ للعلامة الثالثة من العلامات الحسابية وهي الضرب.. فضربُهم وسحلُهم والتنكيلُ بهم في الطرقات سوف يخيف الباقين من تكرارها.

هنا تساءل الملك: ترى ما الذي سيكون عليه حال الشعب؟ فضحك الوزير قائلا يا سيدي لم يتبقَ للشعب في معادلتنا سوى علامة واحدة هي القسمة.

قال الملك وماذا تعني؟ فأجاب الوزير أعنى أنه لن يكون أمامهم سوى أن يخضعوا ويفلسفوا عجزهم بقولهم: هذا ماقسم الله لنا؟ إن الله على الظالم؟ وهم يعنوا بذلك جلالتك!! وهذا أمر مؤجل ليوم القيامة. وهنا ضحك الملك وضحك الوزير.

الاثنين، 8 فبراير 2016

الذَهب والتراب


وقفَ الاستاذُ ياسر، أمامَ تلاميذه الصغار، وسألهم قائلاً: أيُّهما أغلى: الذهبُ أم التراب؟

رد التلاميذ: الذهبُ أغلى من التراب ياأستاذ.

ولكن أحمد قال: الترابُ أغلى من الذهب.

ضحكَ التلاميذُ جميعاً..

قال المعلم ياسر: أصبْتَ الحقيقةَ يا أحمد!

سألَ التلاميذُ بدهشة: كيف ذلك ياأستاذ؟!

قال المعلم ياسر: اسمعوا هذه القصة، وستعرفون الحقيقة.

قال التلاميذ: نحن منصتون ياأستاذ، اسرد علينا القصة؟

قال المعلم ياسر :

يُحكى أنَّ رجلاً هرِماً، اشتدَّ به المرضُ، فدعا ولديه، وقال لهما: ياولدَّيَّ.. لقد تركتُ لكما أرضاً، وهذا الكيسَ من الذهبِ ، فَلْيخترْ كلٌّ منكما مايشاء.

قالَ الولدُ الأصغر: أنا آخذُ الذهب..

وقالَ الولدُ الأكبر: وأنا آخذُ الأرض..

وماتَ الأبُ بعد أيام، فحزن الولدان كثيراً، ثم أخذ كلُّ واحدٍ نصيبه، من ثروة أبيه، وبدأ الولدُ الأكبر، يعملُ في الأرض، يبذرُ في ترابها القمح، فتعطيه كلُّ حبّةٍ سنبلةً، في كلِّ سنبلةٍ مئةُ حبة، وبعدما يحصدُ القمحَ، يزرعُ موسماً آخر، وثروته تزدادُ يوماً بعد يوم..

أمّا الولدُ الأصغر، فقد أخذَ ينفقُ من الذهب، شيئاً بعد شيء، والذهبُ ينقصُ يوماً بعد يوم، وذاتَ مرّةٍ، فتحَ الكيسَ، فوجدهُ فارغاً!

ذهب إلى أخيه، وقال له وهو محزون: لقد نفدَ الذهبُ الذي أخذتهُ.

رد اخيه الاكبر قائلا: أمَّا ما أخذتُهً أنا فلا ينفدُ أبداً..

فاجابه الاخ الاصغر: وهل أخذْتَ غيرَ أرضٍ مملوءةٍ بالتراب ؟!

أخرجَ الأخُ الأكبرُ، كيساً من الذهب، وقال: ترابُ الأرضِ، أعطاني هذا الذهب.

قال الأخُ الأصغر ساخراً: وهل يعطي الترابُ ذهباً؟!

غضبَ أخوه، وقال: الخبزُ الذي تأكُلهُ، من تراب الأرض والثوبُ الذي تلبسُهُ، من تراب الأرض

خجل الأخُ الأصغر، وتابعَ الأكبرُ كلامه .. والثمارُ الحلوةُ، من ترابِ الأرض والأزهارُ العاطرةُ، من تراب الأرض ودماءُ عروقك ،من ترابِ الأرض.

قال الأخ الأصغر: ما أكثرَ غبائي وجهلي!!

قال الاخ الاكبر: لا تحزن يا أخي!

رد الاخ الاصغر:كيف لا أحزنُ، وقد أضعْتُ كل شيء؟!

قال الاخ الاكبر: إذا ذهبَ الذهبُ، فالأرضُ باقية.

فاأجاب الاخ الاصغر: الأرضُ لك، وأنتَ أوْلى بها..

فرد عليه الاخ الاكبر قائلآ: دَعْكَ من هذا الكلام، وهلم معي إلى الأرض.

ذهبَ الأخوانِ إلى الأرض، فوجدا القطنَ الأبيضَ، يميلُ فوقها ويلمع ..

امتلأ الأخوان فرحاً ،وهتفَ الأخُ الأصغرُ: يا أرضَنا الكريمةْ، يامنبعَ العطاء، ياأمَّنا الحبيبة.

فما رأيكم أحبائي .. أيهما أثمن ، الذهب أم التراب؟؟