الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

باب السعادة بالاعتذار


قام إلى إفطاره ليس على العادة... لقد ظلت غمامه في سماءه هو وزوجته عكّرت صفو الودْ والمحبه بينهما.

ليس غريباً أن يحدث هذا الجفاء وهذا الخلاف - هذا أمرٌ طبيعي بين كل زوجين - لقد كان من المفروض أن يقدم كلٌ منهما تنازلٌ للآخر...

لكن هيهات - هو ربما يرى أن ذلك لايليق به كزوج - بينما هي في الجانب الآخر تقول لايمكن أن أسمح لنفسي أن أتنزل له بينما هو المخطئ عليَّ!

جلس صاحبنا على طاولة الإفطار يقشر بيضة، بينما كوب الحليب قد خفّت حرارته ومال إلى البرودة مما أفقد مذاقه...

اخذ يأكل البيضة بينما يرمق باب المطبخ ويتساءل في نفسه... لمَ لم تأتي مثل كل يوم؟
وماذا تأكل في المطبخ ؟

في هذه الأثناء قدمت زوجته وبيدها رغيف خبز. كان يحاول أن ينظر لها. هو يتمنى أن تتفوه وتلقي بالسلام عليه. حتى يمكنه أن يعتذر لها رغم أنه يُحسُّ أنه أخطأ ليلة أمس عليها. رغم هذا لايريد أن يبدأ هو في الكلام أنفةً منه!

وضعت الرغيف أمامه وكادت أن تفعل مثل كل يوم. أن تجلس أمامه وتتناول الإفطار معه. لكنها لم تستطع فعل ذلك فعادت إلى المطبخ هناك حيث أكملت تنظيف بعض الأواني...

وماهي إلا دقائق وسمعت صوت غلق الباب .. حتى تأكدت أن زوجها قد ذهب .. عادت سريعاً فوجدت أنه لم يشرب الحليب مثل كل يوم، والبيضه لم يأكل سوى ربعها!

فقالت في نفسها... طبعاً تريد مثل كل يوم أن أُقشِّر لك البيضة، وأقطعها لك -لاتستاهل ماأفعله لك - أنت زوجٌ لاتقدر الحياة الزوجية.

في هذه الأثناء جلست على الكنبه كالمنهكة، وأخذت تسرح بخيالها بينما لازالت ثائرة الغضب. تجول وتصول في داخلها وبدأت تتوعد الزوج سأفعل كذا وكذا...

لن أستقبله مثل كل يوم. سأضع ملحاً زائداً عن كل يوم في طعامه. سأفعل وأفعل و
فإنك لا تستحق كل هذا الإهتمام منّي!

أسندت رأسها على الأريكه وكانت في حالة غضب لما حصل من زوجها. أخرجت من صدرها تنهيدة عظيمه كأنما هي من بواقي زلزال عاصف - ثم قامت إلى طاولة إفطار زوجها لتنظفها - ثم فجأة!
توقفت دقات قلبها لترى ورقة صغيرة قد وُضِعت تحت رغيف الخبز... تناولتها بإضطراب شديد فإذا مكتوبٌ فيها...

بسم الله الرحمن الرحيم

زوجتي الغاليه:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كم كنت أتمنى أن لو لم أخرج إلا وأنا أرى تلك الإبتسامة الرائعه التي ترسميها على ثغرك صباح كل يوم. إنها تمدني بالعطاء وتبقي لي الحياة سعيدة، بل إني أرى بها دنياً جميلة وهانئه.

كم كنت أتمنى أن لو جلسنا سوياً كصباح كل يوم على طعام الإفطار، ومعها يهنأُ بالي وأسعد بحديثكِ العذب الجميل...

زوجتي: كلٌ يخطئ أعترف لكِ لقد أخطأتُ بحقكِ ليلةَ أمس، فإن لم تغفرلي لي الخطأ وتمسحي لي الزلل، فمن يكون إذاً أيتها السيدة الغاليه!

لقد نالَ مني الشيطان مقصده ولا أراه إلا وقد وسوس لكِ لأنه عدوٌ لنا. كنت أتمنى لو قدمتُ لكِ الإعتذار - لكن سامحيني لم أستطعْ!

فلعل هذه الأحرف تعيد الأمل للحياة من جديد، ولعل هذه الورقه إيذاناً بفتح صفحةٍ جديدة معها عهود ومواثيق لإبقاء الود والمحبة إلى مالا نهايه...

سأعود مبكراً هذا اليوم أتمنى أن أجد الطعام الذي أشتهيه كما تعلمين.

التوقيع:

"زوجكِ المحب والمخلص"

لم تتمالك الزوجة المسكينة إلا أن وقعت على الكرسي المجاور وقد ملأت عيونها بالدموع... إنها دموع الحب وبصورة لا إرادية أخذت تُقَبِّل الورقة وتبكي وتقول سامحني أرجوك سامحني لم أجهز لك طعام إفطارك مثل كل يوم... ومعها انقلبت 180ْ◦ عن حالها قبل الورقة... فانطلقت كالنحلة تزين في فضاءها الواسع الجميل في بيتها الصغير وما إن دقت الساعة الواحده والنصف إذ بالزوج يفتح الباب ويدخل ومعه هديه، لكنه يتفاجأ بأن البيت إنقلب وكأنه حديقة غنّاء وروائحٌ جميلة!

قد جهزتها الزوجةُ المخلصه... فأقبلت إلى الزوج ومعها طفلها الصغير وقد ألبسته أجمل ما عندها وتزينت هي بأجمل صورة مما جعل الزوج يشهق غير مصدق لما يرى فارتسمت على الجميع إبتسامات الرضى والمحبة والصفاء والود... ولسان حال الزوج يقول سأغضبكِ كل يوم! وانطلقت الضحكات تملأُ العشُّ الصغير .

وقفة رقيقة :

هكذا هو الحال حين يعتذر المخطئ - وحين يقبل الطرف الثاني الاعتذار.

لنحاول أن نجعل حياتنا أبسط من أي خلاف...

فحينها سنجد حياتنا أجمل و أطيب، و سنفتح باب للسعادة و الرضى على قلوبنا و حياتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق