ظاهرة حيرت الكثيرين!
يضع مفاتيح سيارته على الطاولة. يغيب لدقائق. يعود بعدها فلا يجد المفاتيح. يبحث عنها حوله في كل مكان. ثم يلتفت ليراها في نفس المكان الذي تركها به. أثناء مشاهدتها التلفاز تضع جهاز التحكم أمامها على الطاولة. بعد ثوانٍ تحاول التقاطه لتغيّر القناة. تبحث على الطاولة وفي كل مكان من غرفة الجلوس. ولا تجد الجهاز. تجلس وهي غاضبة يائسة من عدم قدرتها على إيجاده. تنظر إلى الطاولة. فتجده في نفس مكانه. أمثلة قليلة على ظاهرة تحدث كل يوم. ما من أحد لا يمر بها لتضعه في حالة ذهول وإرباك. ليتساءل بينه وبين نفسه. ما الذي يحدث هنا؟. أين تختفي تلك الأغراض وكيف تعود؟. ويجد أمامه إجابات واحتمالات كثيرة لاختفائها.
ما هي ظاهرة اختفاء الأشياء؟
بتعريف بسيط يمكننا القول أنها ظاهرة شائعة جداً، تعني اختفاء شيء ما فجأة من مكانه بحيث لا يعود باستطاعة صاحبه أن يراه، ويشترك في بعض الأحيان مع أفراد أسرته في البحث عنه دون أن يجدوه، وبعد فترة وجيزة، وربما في اليوم التالي يعود ذلك الشيء لنفس المكان الذي تركه به، وفي بعض الأحيان قد يجده في مكان آخر، وقد لا يجده أبداً، دون أن يعرف صاحبه سبب اختفاء هذا الشيء وعودته.
منذ بداية التاريخ البشري لوحظت هذه الظاهرة الغريبة. وكل حضارة مرّت بها البشرية خرجت بنظريات وتفسيرات لاختفاء الأشياء وعودتها. في الروايات والأفلام والقصص حول العالم. وفي المجتمع الغربي المعاصر كانوا يلومون الأرواح الشريرة فقط على اختفاء الأشياء ويتهمونها بأنها هي المسؤولة عن هذه الظاهرة.
الطريف في الأمر أن كثير من الثقافات ذهبت لأبعد من ذلك. حيث قالوا أنه يمكن للإنسان إرضاء تلك الأرواح ببعض الهدايا البسيطة لتقوم بإعادة الشيء الذي أخذته. كأن نضع مكان الغرض قطعاً من البسكويت أو كأساً من الحليب مثلاً. لنحوز عطف الأرواح فتعيد لنا ما أخذته منا.
وفي عام 1952 نشرت كاتبة الأطفال الإنكليزية (ماري نورتون) رواية بعنوان (المقترضون)، والذي صوّر كفيلم فيما بعد. تحكي الرواية قصة عائلة أفرادها صغار الحجم يختبئون في منزل إنكليزي، ويقومون باستعارة الأغراض من المنزل ثم إعادتها في وقت لاحق. وجعلت الكاتبة (المقترضون) هم أبطال تلك الرواية، وخلال سطور الرواية كانت تدور كثير من المشكلات والصراعات بينهم وبين أصحاب المنزل الحقيقيين. في الوقت الذي نُشرت فيه الرواية وعندما تم عرض الفيلم فيما بعد، نظر إليها الكثيرون على أنها قصة من الخيال. لكنهم في نفس الوقت بدؤوا يتساءلون. إن كانت تلك القصة من الخيال. فمن الذي يقوم بأخذ أغراضنا وإعادتها؟.
إلى أين تذهب الأشياء وكيف تعود؟
وقد احتار الباحثون والدارسون بإيجاد تفسير منطقي لهذه الظاهرة. بدءً من القول أنها أسباب نفسية. وصولاً إلى الحديث عن خوارق وغرائب. بعضهم قال بأنها تحدث بسبب شرود ذهن الشخص. بعضهم الآخر توقع أن تكون مزحة من أحد الأشخاص المقربين من الشخص. والتفسير الأكثر غرابة كان وجود (المُقترِض).
1- النسيان وشرود الذهن: عند الحديث عن هذه الظاهرة يجب التفكير بكل الاحتمالات من أبسطها وحتى أكثرها تعقيداً، والاحتمال الأول الذي خرج به الباحثون وهو الأكثر منطقية بأنه عندما يعتاد الشخص على وضع شيء ما في مكان محدد لفترة طويلة، ربما ينشغل في إحدى المرات بالحديث مع شخص آخر أو يكون في عجلة من أمره، فيضع ذلك الشيء في مكان آخر، لكنه عندما يعود ليبحث عنه سيبحث في المكان المعتاد، حيث تعودت العين على رؤية ذلك الشيء، ويصل لمرحلة تكون بها العين غير قادرة على رؤيته في غير مكانه، وهو ما يسمى علمياً (العمى المؤقت). فعندما تعتاد إحداهن على وضع فرشاة أسنانها أمام المرآة في الحمام، ربما في عجلة من أمرها تضعها داخل المرأة، وقد تكون على مرأى منها عندما تبحث عنها لكن اعتياد العين على رؤية الفرشاة أمام المرآة يجعلها غير قادرة على ملاحظة وجودها في غير مكانها. منطقياً يبدو التفسير بسيطاً وممكناً جداً، لكن هذا التفسير ذكر لنا كيف يضيع الشيء ونجده في مكان آخر، ولم يُشر إلى معنى عودة الشيء الضائع لنفس مكانه؟.
2- استعارة من أحد أفراد الأسرة: وهو أحد الاحتمالات التي ذكرها الباحثون أيضاً عندما قاموا بتفسير هذه الظاهرة، فعند إضاعة شيء ما وبعد البحث عنه يبدأ الشخص بسؤال أفراد أسرته عن ذلك الشيء، وهل رآه أحدهم، في الحالة تلك يكون الشخص بقمة غضبه، وربما قام أحد أفراد الأسرة باستعارة ذلك الشيء، أو حتى تخبئته على سبيل المزاح، لكنه يخاف من الاعتراف لصاحبه، فيقوم وبكل هدوء بإعادة الشيء الضائع إلى مكانه دون علم صاحبه، ليعود ويجده في نفس مكانه ويقف مذهولاً دون أن يعرف ما حدث. هذا التفسير أيضاً يُعد احتمالاً وارداً ومنطقياً ولا يمكن أن ننكر حدوثه في كثير من الأحيان.
3- انتقال الأبعاد: من وجهة نظر علمية فإن الأشياء يمكن أن تنتقل من زمن لآخر بين الماضي والمستقبل. تبدو هذه النظرية غريبة لكن كثير من العلماء أكدوا إمكانيتها ومنهم (ستيفن هوكينغ)، والدليل أنها موجودة في بحوث فيزياء الكم. وتقول النظرية بأن للمكان والزمان ثلاثة أبعاد مرئية للإنسان وأخرى غير مرئية، والأشياء تنزلق من بُعد زماني إلى بُعد زماني آخر لتعود من جديد بعد فترة إلى مكانها الأول الذي تُركت فيه، القائلون بهذا التفسير يشيرون إلى أن البعض يظن أن الشيء الذي عاد هو نفسه الذي أضاعوه، لكنه قد لا يكون نفسه. كما أشار غيرهم من الباحثين إلى أن هذا التفسير ممكن جداً ويبرر رؤية البعض لأشياء لا تعود لهم موضوعة أمامهم دون أي سبب واضح، هذا يعني أن الأشياء تنتقل بين الماضي والمستقبل.
4- الاختفاء المؤقت: يقول هذا التفسير بأن الأشياء قد تصبح للحظات غير مرئية، ولا يعود بإمكان الشخص ملاحظة وجودها. من ناحية علمية يرتبط هذا التفسير بنظرية (العمى المؤقت) التي تحدثنا عنها سابقاً، ومن جهة أخرى يربطها البعض بما أسموه (اختفاء الأشياء المؤقت) الذي لم يجدوا له تفسيراً علمياً حتى الآن، حيث لا توجد أي فرضية توضح كيف يمكن للأشياء أن تصبح فجأة غير مرئية ثم تعود لتصبح مرئية. إلا أن الكثير من الأشخاص أكدوه فعلاً بقولهم أنهم وضعوا شيئاً على الطاولة ليختفي فجأة، ورغم بحثهم عنه بشكل جيد إلا أنهم لم يتمكنوا من إيجاده، ليعودا ويجدوه بنفس المكان بعد دقائق.
5- المُقترِض: عند الحديث عن ظاهرة غريبة كهذه الظاهرة علينا كما ذكرنا أن نضع كل الاحتمالات والتفسيرات أمامنا، من البسيط إلى الأكثر غرابة، وهذا ما أوصل العلماء إلى التفسير الثالث وهو وجود (المُقترض)، حيث يؤمن واضعو هذا التفسير بقيام الجن أو الأرواح الشريرة بأخذ ذلك الشيء لفترة من الزمن ومن ثم إعادته لمكانه الأصلي، والغريب في الأمر أن أشخاصاً كثر نجدهم يصدقون هذا التفسير لدرجة أنهم يبدؤون بالمناداة على الشيء الضائع ومخاطبة من اقترضه لإعادته إلى مكانه. هؤلاء الأشخاص يفسرّون الأمر بأنهم أحسوا بحركة غريبة قبل اختفاء الشيء وكأن أجساماً خفية تحوم حولهم، سمعوا أصوات موسيقا لم يعتادوا سماعها، التقطوا رائحة غريبة في المكان، وبعدها مباشرة اختفى ذلك الشيء. بعض الأشخاص أفاض في الحديث عن هذا التفسير بقوله أنه لاحظ اختفاء الشيء نفسه في أوقات محددة، وكان اختفاءه مصحوباً بحركة مخيفة وروائح غريبة، ثم عودته بهدوء إلى مكانه، وزادوا على ذلك بأنه في حال أضاع أحدهم شيئاً وطلب بطريقة مهذبة ممن أخذه أن يعيده فسيجده قد ظهر أمامه فجأة. هذا التفسير لم يستطع العلم إثباته حتى الآن، فحتى لو اعترف العلماء بوجود الأرواح الشريرة حولنا، لكنهم لم يجدوا تفسيراً لسبب أخذها شيئاً ما ثم إعادته إلى مكانه، وما ذكره بعض العلماء هو أن الشخص نفسه ربما قام باللاوعي ولا إرادياً باستحضار تلك الأرواح لتحوم حوله وتأخذ أشياء تخصه.
قصص غريبة عن اختفاء الأشياء
كما ذكرنا ما من أحد لم يجرب هذه الظاهرة. وغالباً ما نجد أشخاص حولنا يروون لنا قصصاً طريفة ومشوقة عن اختفاء أغراضهم ثم عودتها إلى مكانها الطبيعي.
❖ كان يقوم بنسخ بعض البرامج من جهاز الكمبيوتر على أقراص صلبة، قام بنسخ أول قرص ثم أخرجه من محرك الأقراص ووضعه على الطاولة أمامه، نادته والدته طالبة منه المساعدة، وعندما عاد نظر إلى الطاولة فلم يجد القرص الصلب، بحث عنه في كل مكان على الطاولة وفي كل الغرفة، لكنه لم يكن موجوداً، خرج من الغرفة وبحث في كل المنزل، ولم يجده أيضاً، وعندما عاد إلى غرفته ثانية وجده حيث تركه أول مرة، موضوعاً على الطاولة، ويُقسم أنه بنفس هذه اللحظة سمع صوت ضحكة خفيفة في الغرفة، ولم تكن أمه قريبة منه، ولم يكن هناك من أحد غيرهما في المنزل، لكنه لم يخف. بل اعتبره أمراً مسلياً!.
❖ في حفلة تخرجها اشترت ثلاثة فساتين وقامت بوضعها في خزانتها لترتدي أحدها خلال الحفل، وبعد نقاش مع والدتها قررت ارتداء الفستان الأسود والأبيض لأنه أبسطها وأكثرها أناقة، ذهبت إلى الخزانة لتُخرج الفستان وتقوم بارتدائه، كان قد اختفى، بحثت في الخزانة، في كل أنحاء الغرفة، بحثت في غرفة والدتها أيضاً، وفي جميع أرجاء المنزل، ولم تجد أثراً للفستان، عندها قررت ارتداء أحد الفساتين المتبقية والذهاب إلى الحفل، بعد عودتها من الحفل فتحت الخزانة لتضع الفستان الذي ارتدته، فوجدت الفستان الأبيض والأسود معلقاً في المكان الذي وضعته به منذ الصبح. وحتى الآن لم تتمكن من معرفة السر في اختفائه.
❖ في كل ليلة تعوّد أن يقرأ كتاباً قبل النوم، بدأ بالقراءة فناداه شقيقه، وضع الكتاب جانباً وقام ليرى ما به شقيقه، عاد بعد دقائق ليجد كتابه قد اختفى. بحث عنه على سريره فلم يجده، بحث في كل أنحاء الغرفة دون جدوى، ذهب إلى غرفة شقيقه ليسأله إن كان معه كتاباً عندما جاء إليه قبل قليل فكانت الإجابة بالنفي. عاد إلى غرفته وبدأ يقول بصوت عالٍ، أين هو كتابي؟. أعيدوه لي أريد أن أنام. أرجوكم أعيدوا لي كتابي. مرّت بعدها دقائق من الصمت الذي خيّم على أرجاء الغرفة. ثم يئس من إيجاد الكتاب، عاد إلى سريره لينام، فوجد الكتاب موضوعاً على طرف السرير وكأنه هبط فجأة من سقف الغرفة. شعر بالرهبة وهو يتذكر كيف أنه منذ دقائق قلب سريره رأساً على عقب دون أن يجد أثراً للكتاب!.
❖ كان قد ذهب إلى السوق لشراء بعد الخضراوات التي أوصته عليها زوجته، عندما عاد بدأ بإنزال الأغراض من السيارة ووضعها على طاولة المطبخ، بعد أن انتهى من نقل جميع الأغراض سألته زوجته عن التفاح، فأكد لها أنه وضعها على طاولة المطبخ، ذهبا معاً إلى المطبخ وبحثا على الطاولة وفي كل مكان، لم يجدا الكيس الذي يحتوي على التفاح، اعتقد أنه نسيه في المحل، سأل ابنته التي كانت واقفة في المطبخ عند دخوله، فأكدت له أنها رأت كيس التفاح على الطاولة، بحثوا في كل أرجاء المنزل ولم يجدوه، عندما حان موعد العشاء ذهبت الزوجة إلى المطبخ لتقوم بتحضير العشاء فوجدت التفاح على الطاولة في نفس المكان الذي قال زوجها أنه تركه به.
بعد كل ما سبق من أمثلة وتفسيرات. تبقى ظاهرة اختفاء الأشياء من الظواهر الغريبة والطريفة بآن معاً. ورغم كل ما خرج به الباحثون من دراسات وتفسيرات ونتائج. إلا أنه حتى الآن ما من سبب واضح يُفسر اختفاء الأشياء وعودتها من جديد.
(منقول عن : ساره فرحان - عين الجمهورية)
يضع مفاتيح سيارته على الطاولة. يغيب لدقائق. يعود بعدها فلا يجد المفاتيح. يبحث عنها حوله في كل مكان. ثم يلتفت ليراها في نفس المكان الذي تركها به. أثناء مشاهدتها التلفاز تضع جهاز التحكم أمامها على الطاولة. بعد ثوانٍ تحاول التقاطه لتغيّر القناة. تبحث على الطاولة وفي كل مكان من غرفة الجلوس. ولا تجد الجهاز. تجلس وهي غاضبة يائسة من عدم قدرتها على إيجاده. تنظر إلى الطاولة. فتجده في نفس مكانه. أمثلة قليلة على ظاهرة تحدث كل يوم. ما من أحد لا يمر بها لتضعه في حالة ذهول وإرباك. ليتساءل بينه وبين نفسه. ما الذي يحدث هنا؟. أين تختفي تلك الأغراض وكيف تعود؟. ويجد أمامه إجابات واحتمالات كثيرة لاختفائها.
ما هي ظاهرة اختفاء الأشياء؟
بتعريف بسيط يمكننا القول أنها ظاهرة شائعة جداً، تعني اختفاء شيء ما فجأة من مكانه بحيث لا يعود باستطاعة صاحبه أن يراه، ويشترك في بعض الأحيان مع أفراد أسرته في البحث عنه دون أن يجدوه، وبعد فترة وجيزة، وربما في اليوم التالي يعود ذلك الشيء لنفس المكان الذي تركه به، وفي بعض الأحيان قد يجده في مكان آخر، وقد لا يجده أبداً، دون أن يعرف صاحبه سبب اختفاء هذا الشيء وعودته.
منذ بداية التاريخ البشري لوحظت هذه الظاهرة الغريبة. وكل حضارة مرّت بها البشرية خرجت بنظريات وتفسيرات لاختفاء الأشياء وعودتها. في الروايات والأفلام والقصص حول العالم. وفي المجتمع الغربي المعاصر كانوا يلومون الأرواح الشريرة فقط على اختفاء الأشياء ويتهمونها بأنها هي المسؤولة عن هذه الظاهرة.
الطريف في الأمر أن كثير من الثقافات ذهبت لأبعد من ذلك. حيث قالوا أنه يمكن للإنسان إرضاء تلك الأرواح ببعض الهدايا البسيطة لتقوم بإعادة الشيء الذي أخذته. كأن نضع مكان الغرض قطعاً من البسكويت أو كأساً من الحليب مثلاً. لنحوز عطف الأرواح فتعيد لنا ما أخذته منا.
وفي عام 1952 نشرت كاتبة الأطفال الإنكليزية (ماري نورتون) رواية بعنوان (المقترضون)، والذي صوّر كفيلم فيما بعد. تحكي الرواية قصة عائلة أفرادها صغار الحجم يختبئون في منزل إنكليزي، ويقومون باستعارة الأغراض من المنزل ثم إعادتها في وقت لاحق. وجعلت الكاتبة (المقترضون) هم أبطال تلك الرواية، وخلال سطور الرواية كانت تدور كثير من المشكلات والصراعات بينهم وبين أصحاب المنزل الحقيقيين. في الوقت الذي نُشرت فيه الرواية وعندما تم عرض الفيلم فيما بعد، نظر إليها الكثيرون على أنها قصة من الخيال. لكنهم في نفس الوقت بدؤوا يتساءلون. إن كانت تلك القصة من الخيال. فمن الذي يقوم بأخذ أغراضنا وإعادتها؟.
إلى أين تذهب الأشياء وكيف تعود؟
وقد احتار الباحثون والدارسون بإيجاد تفسير منطقي لهذه الظاهرة. بدءً من القول أنها أسباب نفسية. وصولاً إلى الحديث عن خوارق وغرائب. بعضهم قال بأنها تحدث بسبب شرود ذهن الشخص. بعضهم الآخر توقع أن تكون مزحة من أحد الأشخاص المقربين من الشخص. والتفسير الأكثر غرابة كان وجود (المُقترِض).
1- النسيان وشرود الذهن: عند الحديث عن هذه الظاهرة يجب التفكير بكل الاحتمالات من أبسطها وحتى أكثرها تعقيداً، والاحتمال الأول الذي خرج به الباحثون وهو الأكثر منطقية بأنه عندما يعتاد الشخص على وضع شيء ما في مكان محدد لفترة طويلة، ربما ينشغل في إحدى المرات بالحديث مع شخص آخر أو يكون في عجلة من أمره، فيضع ذلك الشيء في مكان آخر، لكنه عندما يعود ليبحث عنه سيبحث في المكان المعتاد، حيث تعودت العين على رؤية ذلك الشيء، ويصل لمرحلة تكون بها العين غير قادرة على رؤيته في غير مكانه، وهو ما يسمى علمياً (العمى المؤقت). فعندما تعتاد إحداهن على وضع فرشاة أسنانها أمام المرآة في الحمام، ربما في عجلة من أمرها تضعها داخل المرأة، وقد تكون على مرأى منها عندما تبحث عنها لكن اعتياد العين على رؤية الفرشاة أمام المرآة يجعلها غير قادرة على ملاحظة وجودها في غير مكانها. منطقياً يبدو التفسير بسيطاً وممكناً جداً، لكن هذا التفسير ذكر لنا كيف يضيع الشيء ونجده في مكان آخر، ولم يُشر إلى معنى عودة الشيء الضائع لنفس مكانه؟.
2- استعارة من أحد أفراد الأسرة: وهو أحد الاحتمالات التي ذكرها الباحثون أيضاً عندما قاموا بتفسير هذه الظاهرة، فعند إضاعة شيء ما وبعد البحث عنه يبدأ الشخص بسؤال أفراد أسرته عن ذلك الشيء، وهل رآه أحدهم، في الحالة تلك يكون الشخص بقمة غضبه، وربما قام أحد أفراد الأسرة باستعارة ذلك الشيء، أو حتى تخبئته على سبيل المزاح، لكنه يخاف من الاعتراف لصاحبه، فيقوم وبكل هدوء بإعادة الشيء الضائع إلى مكانه دون علم صاحبه، ليعود ويجده في نفس مكانه ويقف مذهولاً دون أن يعرف ما حدث. هذا التفسير أيضاً يُعد احتمالاً وارداً ومنطقياً ولا يمكن أن ننكر حدوثه في كثير من الأحيان.
3- انتقال الأبعاد: من وجهة نظر علمية فإن الأشياء يمكن أن تنتقل من زمن لآخر بين الماضي والمستقبل. تبدو هذه النظرية غريبة لكن كثير من العلماء أكدوا إمكانيتها ومنهم (ستيفن هوكينغ)، والدليل أنها موجودة في بحوث فيزياء الكم. وتقول النظرية بأن للمكان والزمان ثلاثة أبعاد مرئية للإنسان وأخرى غير مرئية، والأشياء تنزلق من بُعد زماني إلى بُعد زماني آخر لتعود من جديد بعد فترة إلى مكانها الأول الذي تُركت فيه، القائلون بهذا التفسير يشيرون إلى أن البعض يظن أن الشيء الذي عاد هو نفسه الذي أضاعوه، لكنه قد لا يكون نفسه. كما أشار غيرهم من الباحثين إلى أن هذا التفسير ممكن جداً ويبرر رؤية البعض لأشياء لا تعود لهم موضوعة أمامهم دون أي سبب واضح، هذا يعني أن الأشياء تنتقل بين الماضي والمستقبل.
4- الاختفاء المؤقت: يقول هذا التفسير بأن الأشياء قد تصبح للحظات غير مرئية، ولا يعود بإمكان الشخص ملاحظة وجودها. من ناحية علمية يرتبط هذا التفسير بنظرية (العمى المؤقت) التي تحدثنا عنها سابقاً، ومن جهة أخرى يربطها البعض بما أسموه (اختفاء الأشياء المؤقت) الذي لم يجدوا له تفسيراً علمياً حتى الآن، حيث لا توجد أي فرضية توضح كيف يمكن للأشياء أن تصبح فجأة غير مرئية ثم تعود لتصبح مرئية. إلا أن الكثير من الأشخاص أكدوه فعلاً بقولهم أنهم وضعوا شيئاً على الطاولة ليختفي فجأة، ورغم بحثهم عنه بشكل جيد إلا أنهم لم يتمكنوا من إيجاده، ليعودا ويجدوه بنفس المكان بعد دقائق.
5- المُقترِض: عند الحديث عن ظاهرة غريبة كهذه الظاهرة علينا كما ذكرنا أن نضع كل الاحتمالات والتفسيرات أمامنا، من البسيط إلى الأكثر غرابة، وهذا ما أوصل العلماء إلى التفسير الثالث وهو وجود (المُقترض)، حيث يؤمن واضعو هذا التفسير بقيام الجن أو الأرواح الشريرة بأخذ ذلك الشيء لفترة من الزمن ومن ثم إعادته لمكانه الأصلي، والغريب في الأمر أن أشخاصاً كثر نجدهم يصدقون هذا التفسير لدرجة أنهم يبدؤون بالمناداة على الشيء الضائع ومخاطبة من اقترضه لإعادته إلى مكانه. هؤلاء الأشخاص يفسرّون الأمر بأنهم أحسوا بحركة غريبة قبل اختفاء الشيء وكأن أجساماً خفية تحوم حولهم، سمعوا أصوات موسيقا لم يعتادوا سماعها، التقطوا رائحة غريبة في المكان، وبعدها مباشرة اختفى ذلك الشيء. بعض الأشخاص أفاض في الحديث عن هذا التفسير بقوله أنه لاحظ اختفاء الشيء نفسه في أوقات محددة، وكان اختفاءه مصحوباً بحركة مخيفة وروائح غريبة، ثم عودته بهدوء إلى مكانه، وزادوا على ذلك بأنه في حال أضاع أحدهم شيئاً وطلب بطريقة مهذبة ممن أخذه أن يعيده فسيجده قد ظهر أمامه فجأة. هذا التفسير لم يستطع العلم إثباته حتى الآن، فحتى لو اعترف العلماء بوجود الأرواح الشريرة حولنا، لكنهم لم يجدوا تفسيراً لسبب أخذها شيئاً ما ثم إعادته إلى مكانه، وما ذكره بعض العلماء هو أن الشخص نفسه ربما قام باللاوعي ولا إرادياً باستحضار تلك الأرواح لتحوم حوله وتأخذ أشياء تخصه.
قصص غريبة عن اختفاء الأشياء
كما ذكرنا ما من أحد لم يجرب هذه الظاهرة. وغالباً ما نجد أشخاص حولنا يروون لنا قصصاً طريفة ومشوقة عن اختفاء أغراضهم ثم عودتها إلى مكانها الطبيعي.
❖ كان يقوم بنسخ بعض البرامج من جهاز الكمبيوتر على أقراص صلبة، قام بنسخ أول قرص ثم أخرجه من محرك الأقراص ووضعه على الطاولة أمامه، نادته والدته طالبة منه المساعدة، وعندما عاد نظر إلى الطاولة فلم يجد القرص الصلب، بحث عنه في كل مكان على الطاولة وفي كل الغرفة، لكنه لم يكن موجوداً، خرج من الغرفة وبحث في كل المنزل، ولم يجده أيضاً، وعندما عاد إلى غرفته ثانية وجده حيث تركه أول مرة، موضوعاً على الطاولة، ويُقسم أنه بنفس هذه اللحظة سمع صوت ضحكة خفيفة في الغرفة، ولم تكن أمه قريبة منه، ولم يكن هناك من أحد غيرهما في المنزل، لكنه لم يخف. بل اعتبره أمراً مسلياً!.
❖ في حفلة تخرجها اشترت ثلاثة فساتين وقامت بوضعها في خزانتها لترتدي أحدها خلال الحفل، وبعد نقاش مع والدتها قررت ارتداء الفستان الأسود والأبيض لأنه أبسطها وأكثرها أناقة، ذهبت إلى الخزانة لتُخرج الفستان وتقوم بارتدائه، كان قد اختفى، بحثت في الخزانة، في كل أنحاء الغرفة، بحثت في غرفة والدتها أيضاً، وفي جميع أرجاء المنزل، ولم تجد أثراً للفستان، عندها قررت ارتداء أحد الفساتين المتبقية والذهاب إلى الحفل، بعد عودتها من الحفل فتحت الخزانة لتضع الفستان الذي ارتدته، فوجدت الفستان الأبيض والأسود معلقاً في المكان الذي وضعته به منذ الصبح. وحتى الآن لم تتمكن من معرفة السر في اختفائه.
❖ في كل ليلة تعوّد أن يقرأ كتاباً قبل النوم، بدأ بالقراءة فناداه شقيقه، وضع الكتاب جانباً وقام ليرى ما به شقيقه، عاد بعد دقائق ليجد كتابه قد اختفى. بحث عنه على سريره فلم يجده، بحث في كل أنحاء الغرفة دون جدوى، ذهب إلى غرفة شقيقه ليسأله إن كان معه كتاباً عندما جاء إليه قبل قليل فكانت الإجابة بالنفي. عاد إلى غرفته وبدأ يقول بصوت عالٍ، أين هو كتابي؟. أعيدوه لي أريد أن أنام. أرجوكم أعيدوا لي كتابي. مرّت بعدها دقائق من الصمت الذي خيّم على أرجاء الغرفة. ثم يئس من إيجاد الكتاب، عاد إلى سريره لينام، فوجد الكتاب موضوعاً على طرف السرير وكأنه هبط فجأة من سقف الغرفة. شعر بالرهبة وهو يتذكر كيف أنه منذ دقائق قلب سريره رأساً على عقب دون أن يجد أثراً للكتاب!.
❖ كان قد ذهب إلى السوق لشراء بعد الخضراوات التي أوصته عليها زوجته، عندما عاد بدأ بإنزال الأغراض من السيارة ووضعها على طاولة المطبخ، بعد أن انتهى من نقل جميع الأغراض سألته زوجته عن التفاح، فأكد لها أنه وضعها على طاولة المطبخ، ذهبا معاً إلى المطبخ وبحثا على الطاولة وفي كل مكان، لم يجدا الكيس الذي يحتوي على التفاح، اعتقد أنه نسيه في المحل، سأل ابنته التي كانت واقفة في المطبخ عند دخوله، فأكدت له أنها رأت كيس التفاح على الطاولة، بحثوا في كل أرجاء المنزل ولم يجدوه، عندما حان موعد العشاء ذهبت الزوجة إلى المطبخ لتقوم بتحضير العشاء فوجدت التفاح على الطاولة في نفس المكان الذي قال زوجها أنه تركه به.
بعد كل ما سبق من أمثلة وتفسيرات. تبقى ظاهرة اختفاء الأشياء من الظواهر الغريبة والطريفة بآن معاً. ورغم كل ما خرج به الباحثون من دراسات وتفسيرات ونتائج. إلا أنه حتى الآن ما من سبب واضح يُفسر اختفاء الأشياء وعودتها من جديد.
(منقول عن : ساره فرحان - عين الجمهورية)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق