الجمعة، 29 أبريل 2016

جزيرة الملوك


منذ زمن طويل كانت هناك مدينة يحكمها ملك وكان أهل هذه المدينة يختارون الملك بحيث يحكم فيهم سنة واحدة فقط وبعد ذلك يرسل الملك إلى جزيرة بعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره ويختار الناس ملك آخر غيره وهكذا.

أنهى أحد الملوك فترة الحكم الخاصة به وألبسه الناس الملابس الغالية وأركبوه فيلا كبيراً وأخذوا يطوفون به في أنحاء المدينة قائلين له وداعاً وكانت هذه اللحظة من أصعب لحظات الحزن والألم على الملك وجميع من كان قبله ثم بعد ذلك وضعوه في السفينة التي قامت بنقله إلى الجزيرة البعيدة حيث يكمل فيها بقية عمره.

ورجعت السفينة إلى المدينة وفي طريق العودة اكتشفوا إحدى السفن التي غرقت منذ وقت قريب ورأوا شاباً متعلق بقطعة من الخشب عائمة على الماء فأنقذوه وأخذوه إلى بلدتهم. وطلبوا منه أن يكون ملكاً عليهم لمدة سنة واحدة ولكنه رفض في البداية، ثم وافق بعد ذلك.

وأخبره الناس على التعليمات التي تسود هذه المدينة وأنه بعد مرور 12 شهراً سوف يحمل إلى تلك الجزيرة التي تركوا فيها ذاك الملك الأخير بعد ثلاث أيام من تولي الشاب للعرش في هذه المدينة سأل الوزراء هل يمكن أن يرى هذه الجزيرة حيث أرسل إليها جميع الملوك السابقين ووافق الوزراء وأخذوه إلى الجزيرة. ورآها وقد غطت بالغابات الكثيفة وسمع صوت الحيوانات الشريرة وهي تنطلق في أنحاء الجزيرة.

نزل الملك إلى الجزيرة وهناك وجد جثث الملوك السابقين ملقاة على الأرض وفهم الملك القصة بأنه مالبث أن ترك الملوك السابقون في الجزيرة أتت إليه الحيوانات المتوحشة وسارعت بقتلهم والتهامهم.

عندئذ عاد الملك إلى مدينته وجمع 100 عامل أقوياء وأخذهم إلى الجزيرة وأمرهم بتنظيف الغابة وإزالة جثث الحيوانات والملوك السابقين وإزالة قطع الأشجار الصغيرة. وكان يزور الجزيرة مرة في الشهر ليطل على سير العمل وكان العمل يتقدم بخطوات سريعة فبعد مرور شهر واحد أزيلت الحيوانات والعديد من الأشجار الكثيفة. وعند مرورالشهر الثاني كانت الجزيرة قد أصبحت نظيفة تماماً.

ثم أمر الملك العمال بزرع الحدائق في جميع أنحاء الجزيرة وقام بتربية بعض الحيوانات المفيدة مثل الدجاج والبط والماعز والبقر ... الخ. ومع بداية الشهر الثالث أمر العمال ببناء بيت كبير ومرسى للسفن. وبمرور الوقت تحولت الجزيرة إلى مكان جميل وقد كان الملك ذكياً فكان يلبس الملابس البسيطة وينفق القليل على حياته في المدينة.

في مقابل أنه كان يكرس أمواله التي وهبت له في إعمار هذه الجزيرة. وبعد مرور 9 أشهر جمع الملك الوزراء قائلاً أنه يعلم أن الذهاب للجزيرة يتم بعد مرور 12 شهر من بداية حكمه. ولكنه يود الذهاب إلى الجزيرة الآن. ولكن الوزراء رفضوا قائلين حسب التعليمات لابد أن تنتظر 3 شهور أخرى ثم بعد ذلك تذهب للجزيرة.

مرت الثلاثة شهور واكتملت السنة وجاء دور الملك ليتنقل إلى الجزيرة ألبسه الناس الثياب الفاخرة ووضعوه على الفيل الكبير قائلين له وداعاً أيها الملك.

ولكن الملك على غيرعادة الملوك السابقين كان يضحك ويبتسم وسأله الناس عن ذلك فأجاب بأن الحكماء يقولون: عندما تولد طفلاً في هذه الدنيا تبكي بينما جميع من حولك يضحكون فعش في هذه الدنيا واعمل ما تراه حتى يأتيك الموت وعندئذ تضحك بينما جميع من حولك يبكون فبينما الملوك السابقين كانوا منشغلين بمتعة أنفسهم أثناء فترة الملك والحكم كنت أنا مشغولاً بالتفكير في المستقبل وخططت لذلك وقمت بإصلاح وتعمير الجزيرة وأصبحت جنة صغيرة يمكن أن أعيش فيها بقية حياتي بسلام

❞إن هذه الحياة الدنيا هي مزرعة للآخرة❝

الأربعاء، 27 أبريل 2016

من هي الارملة السوداء؟


هي «فيرا رينزى» القاتلة الرومانية الشهيرة التى دخلت السجن فى زهرة شبابها بإجمالي عدد 35 ضحية منهم زوجين سابقين وابنها .. انها الأرملة السوداء. كانت تستمتع بوقتها الذى تقضيه على أريكتها الخاصة بين الجثث.

قتلت ضحاياها برغبة مرضية فى تفانى الرجال واخلاصهم لها وياويل من يخيل لها عقلها المريض انه مل منها اواشتهى غيرها.

«فيرا» هو اسمها الأول اما اسم عائلتها الحقيقى فهو غير معروف حتى الأن .. كل ما نقله التاريخ عنها انها من عائلة ثرية أب مجري وام جميلة رومانية ولدت عام 1903 فى بوخاريست برومانيا .. توفيت والدتها وهى بنت 13 عاما وانتقلت مع والدها الى بيركيريكول (يوغوسلافيا لاحقا) وعند بلوغها الخامسة عشر كان لها العديد من العشاق وقائمة من الفضائح الجنسية ومحاولات عديدة للهروب من المنزل مع اصدقائها من الرجال الذين يكبرونها بعقود.

كان ذلك حتى قابلت زوجها الأول كارل شيك رجل الأعمال والبنوك النمساوى الأصل .. نتج عن هذا الزواج ابنها الوحيد لورينزو الذى انجبته بعد عام واحد من زواجها.

كانت فيرا تقضى كل الوقت مع ابنها فى المنزل وحيدة بينما زوجها فى العمل .. ثم بدأت تساورها الشكوك حول زوجها وخيل لها انها يخونها وجمحت خيالاتها حتى انتهت بها الى ثورة الغضب الذى جعلها تصب له سم الزرنيخ فى النبيذ اثناء العشاء .. واختفى السيد كارل وبدأت فيرا بترويج خبر انه يخونها ثم يهجرها هى وطفلها الوحيد. وبعد عام من اختفائه بكته فيرا بدموع التماسيح مدعية انها علمت من احد اصدقائه انه توفى فى حادث سيارة اثناء سفره.

مرت فترة قصيرة قبل ان تتزوج فيرا زوجها الثانى جوزيف رينزى الذى ورثت عنه اسمها وايضا كان غنيا مثل الأول. ولم تمضى الشهور الأولى للزواج حتى عادتها خيالاتها المريضة ان زوجها يخونها بعلاقات عدة وماهى الا شهور اخرى حتى اختفى زوجها الثانى وبدا للأصدقاء والمحيطين ان فيرا ليست محظوظة بأزواجها حيث هجرها الزوج الثانى ايضا.

وبعد زيجتين فاشلتين قررت السيدة رينزى عدم تكرار محاولة الزواج لكن هذا ابدا لم يمنعها من ان تكون محاطة بالرجال ولم تتردد فى اقامة العلاقات الجنسية مع الغنى والفقير، الذى يكبرها او يصغرها بأعوام .. متزوج ام لا لم تكن هذه الامور تمنعها ابدا..ومع اول لمحة من قلة الاهتمام اوفقدان الحماس اوعدم الاخلاص يختفى العشيق من الوجود.

ثم بدأت احداث الحلقة الأخيرة فى حياة فيرا رينزى عندما كانت على موعد مع احد عشاقها الا ان زوجته تبعته خلسة حتى منزل السيدة رينزى وانتظرته طويلا لكنه لم يظهر مرة اخرى ولم يعد الى منزله .. فطرقت المرأة باب فيرا التى بدورها انكرت اى علاقة لها بالزوج المفقود فتوجهت الى مقر الشرطة لتبلغ عن اختفائه. واثناء البحث بمنزل رينزى دخل محققوا الشرطة مخزن النبيذ الخاص بها ففوجئوا بـ 32 كفن غير مدفونين بكل منهم جثة رجل وجميعهم فى مراحل مختلفة من التحلل.

وتم القبض على فيرا رينزى التى اعترفت مرفوعة الرأس انها سممت جميع الـ32 رجل باستخدام سم الزرنيخ لأن احدا لم يخلص لها اوانها احبها فى البداية ثم مل او وهنت مشاعره تجاهها كما احتوى اعترافها على انها كانت تستمتع بوقتها الذى تقضيه على أريكتها الخاصة فى مخزن الخمور بين جثث عشاقها السابقين.

واسترسلت فيرا فى الاعتراف بقتل زوجيها السابقين وابنها الوحيد لورينزومعللة ذلك بان لورينزو اتى لزيارتها يوما واكتشف الجثث الراقدة فى المخزن فبدأ يبتزها ويهددها حتى سئمت منه وسممته هو الاخر وتخلصت من جثته ليصبح مجموع ضحايا فيرا الجميلة 35 قتيلا. ولأن اعدام النساء كان ممنوعا فى ذلك الوقت فقد حكمت المحكمة على فيرا رينزى بالسجن مدى الحياة الا ان حياتها لم تمتد طويلا فى محبسها حيث عثر عليها ميتة بنزف فى الدماغ.

الأربعاء، 13 أبريل 2016

ضياع الاندلس


يروى أن المسلمين عندما دخلوا الأندلس طردوا بقايا النصارى الذين رفضوا الخضوع لهم، طردوهم إلى قمم الجبال الشمالية، حيث كونوا مملكة لهم بقيادة «بلاي» وأصبح ملكاً لهم..

وحينما جمعوا أمرهم وقويت شوكتهم، أرادوا حرب المسلمين واسترجاع أرضهم. ورأوا أن الأمر يحتاج إلى روية ودراسة حال المسلمين، فأرسل ملكهم «بلاي» جاسوساً لينظر حال المسلمين كيف هي؟

عبر الجاسوس النهر وخرج على شاطئ المسلمين فوجد فتية صغاراً يتنافسون في رمي النبال، ووجد واحداً منفرداً يبكي فسأله عن حاله وماذا ألم به؟

فقال: إني أخطأت الهدف

فقال الجاسوس له: وماذا يعني ذلك؟

قال الفتى: إني أتدرب على الجهاد في سبيل الله وإن كانت هذه حالي فكيف بي في الجهاد؟

رجع الجاسوس لملكه وقال له: لا طاقة لكم بهؤلاء القوم مادام فتيانهم الصغار هذه همتهم.

وتمر السنون تلو السنين، ويرسل ملكهم جاسوساً آخر وعندما عبر النهر وخرج على المسلمين فإذا بهم قد وهنوا وغرتهم الحياة الدنيا. وجد مجموعة من الرجال وقد احتدم بينهم النقاش، وحولهم جواريهم، فسألهم ما أمركم؟

قالوا: نتنافس بجمال جوارينا. وإذا بأحد الرجال منعزل عنهم مهموم..

قال له الجاسوس: ما أمرك؟ فأخبره بأن خاتم جاريته سقط في النهر.

حينها رجع الجاسوس وقال أقبلوا على القوم فقد فسدت أخلاقهم!

فكانت النتيجة .. ضيـــاع الآندلس.

العفه عن الباذنجانة


في دمشق مسجد كبير اسمه جامع التوبة، وهو جامع مبارك فيه أنس وجمال. سمي بجامع التوبة لأنه كان خاناً ترتكب فيه أنواع المعاصي، فاشتراه أحد الملوك في القرن السابع الهجري، وهدمه وبناه مسجداً.

وكان فيه منذ نحو سبعين سنة شيخ مربي عالم عامل اسمه الشيخ سليم السيوطي.
وكان أهل الحي يثقون به ويرجعون إليه في أمور دينهم وأمور دنياهم، وكانهناك تلميذ مضرب المثل في فقره وفي إبائه وعزة نفسه، وكان يسكن في غرفةالمسجد.

مرّ عليه يومان لم يأكل شيئاً، وليس عنده ما يطعمه ولا ما يشتري به طعاماً، فلما جاء اليوم الثالث أحس كأنه مشرف على الموت، وفكر ماذا يصنع، فرأى أنه بلغ حدّ الاضطرار الذي يجوز له أكل الميتة أو السرقة بمقدار الحاجة، وآثر أن يسرق ما يقيم صلبه.

وكان المسجد في حيّ من الأحياء القديمة، والبيوت فيها متلاصقة والسطوح متصلة، يستطيع المرء أن ينتقل من أول الحي إلى آخره مشياً على السطوح، فصعدإلى سطح المسجد وانتقل منه إلى الدار التي تليه فلمح بها نساء فغض من بصره وابتعد ونظر فرأى إلى جانبها داراً خالية وشمّ رائحة الطبخ تصدر منها، فأحس من جوعه لماشمها كأنها مغناطيس تجذبه إليها وكانت الدور من طبقة واحدة، فقفز قفزتين من السطح إلى الشرفة، فصار في الدار، وأسرع إلى المطبخ، فكشف غطاء القدر، فرأى بها باذنجاناً محشواً، فأخذ واحدة، ولم يبال من شدة الجوع بسخونتها، عض منها عضة، فما كاد يبتلعهاحتى ارتد إليه عقله ودينه وقال لنفسه: أعوذ بالله، أنا طالب علم مقيم في المسجد، ثم أقتحم المنازل وأسرق ما فيها؟

وكبر عليه ما فعل، وندم واستغفر ورد الباذنجانة،وعاد من حيث جاء، فنزل إلى المسجد، وقعد في حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع يفهم ما يسمع، فلما انقضى الدرس وانصرف الناس، جاءت امرأة مستترة، ولم يكن في تلك الأيام امرأة غير مستترة فكلمت الشيخ بكلام لم يسمعه، فتلفت الشيخ حوله فلم يرى غيره، فدعاه وقال له: هل أنت متزوج؟
قال: لا
قال: هل تريد الزواج؟
فسكت، فقال لهالشيخ: قل هل تريد الزواج؟
قال: يا سيدي ما عندي ثمن رغيف والله .. فلماذا أتزوج؟
قال الشيخ: إن هذه أخبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة عن هذاالبلد، ليس لها فيه ولا في الدنيا إلا عم عجوز فقير، وقد جاءت به معها - وأشار إليه قاعداً في ركن الحلقة - وقد ورثت دار زوجها ومعاشه، وهي تحب أن تجد رجلاً يتزوجها على سنة الله ورسوله، لئلا تبقى منفردة، فيطمع فيها الأشرار وأولاد الحرام، فهل تريد أن تتزوج بها؟ قال: نعم .
وسألها الشيخ: هل تقبلين به زوجاً؟
قالت: نعم .
فدعا بعمها ودعا بشاهدين، وعقد العقد، ودفع المهر عن التلميذ، وقال له: خذ بيدها، وأخذت بيده،فقادته إلى بيته، فلما دخلته كشفت عن وجهها، فرأى شباباً وجمالاً ورأى البيت هوالبيت الذي نزله،
وسألته: هل تأكل؟
قال: نعم،
فكشفت غطاء القدر، فرأت الباذنجانة
فقالت: عجباً من دخل الدار فعضها؟؟
فبكى الرجل وقص عليها الخبر.
فقالت له: هذه ثمرة الأمانة، عففت عن الباذنجانة الحرام، فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال.

الثلاثاء، 12 أبريل 2016

الملك السمين ♔


كان أحد الملوك القدماء سمينا كثير الشحم واللحم يعاني الأمرين من زيادة وزنه فجمع الحكماء لكي يجدوا له حلا لمشكلته ويخففوا عنه قليلا من شحمه ولحمه. لكنهم لم يقدروا أن يفعلوا شيئآ للملك.

جاء رجل عاقل لبيب متطبب .. فاحضروه بين يدي الملك .. فقال له عالجني ولك الغنى.

قال: أصلح الله الملك أنا طبيب منجم دعني حتى أنظر الليلة في طالعك لأرى أي دواء يوافقه.

فلما أصبح قال: أيها الملك الأمان.

لما أمنه قال: رأيت طالعك يدل على أنه لم يبق من عمـرك غير شهر واحد فإن إخترت عالجتك وإن أردت التأكد من صدق كلامي فاحبسني عندك، فإن كان لقولي حقيقة فخل عني، وإلا فاقتص مني.

فحبسه .. ثم أحتجب الملك عن الناس وخلا وحده مغتما، فكلما انسلخ يوم إزداد هما وغما حتى هزل وخف لحمه ومضى لذلك ثمان وعشرون يوما فأخرجه، فقال ماترى؟

فقال المتطبب اعز الله الملك أنا أهون على الله من أن أعلم الغيب، والله إني لا أعلم عمري فكيف بعمرك!! ولكن لم يكن عندي دواء لحالتك إلا الغم .. فلم أقدر أجلب إليك الغم إلا بهذه الحيلة فإن الغم يذيب الشحم.

جازاه الملك على ذلك وأحسن إليه غاية الإحسان وذاق الملك حلاوة الفرح بعد مرارة الغم.

كليوبترا. يوليوس قيصر


كانت الامبراطورية الرومانية من أعظم الامبراطوريات التي عرفها التايخ، فقد سادت العالم في عصرها، بل إن جميع الدول المطلة علي البحر المتوسط وقعت تحت سطوتها.. بما في ذلك تركيا وسوريا ومصر والشمال الأفريقي كله حتي أسبانيا، بل أنه قد وقع تحت نفوذها فرنسا وانجلترا وغيرها من البلدان الأوروبية. امبراطورية لها كل هذه السطوة، لابد أن يكون حاكمها هو سيد العالم.

وقد كان يوليوس قيصر من أهم الشخصيات البارزة وأهم القادة التي عرفتهم هذه الإمبراطورية، لأنه كان يملك القوة، وعبقرية القيادة، وقدرته الهائلة علي إقناع الجماهير، حتي قيل أنه كان أعظم الخطباء الروم بعد سيشرون!

في هذا الجو المفعم بعنف الانتصارات العسكرية كان يعيش يوليوس قيصر. أحب الجندية، وبرزت مواهبه العسكرية في المعارك التي خاضها، وحقق فيها المزيد من الانتصارات في فرنسا (بلاد الغال) وانجلترا وايطاليا وأسبانيا. ويبدو أن هذه الانتصارات، وتألق نجم يوليوس قيصر أوغر صدر بعض القادة الآخرين، وعلي رأسهم (بومبي).

رغم أنه في عام 60 (ق.م) تحالف مع ليسنيوس كراسوس، وأجنايوس بومبي، وكونوا أول حكومة ثلاثية لحكم روما.. ومعروف تاريخيا أنه تم انتخاب يوليوس قيصر قنصلا.
وفي نفس العام الذي أصبح فيه قنصلا تزوج من (كالبورنيا).

لقد أوغر صدر كثير من القادة ما حققه يوليوس قيصر من نجاحات علي المستوي العسكري والمستوي السياسي.. فحاكوا مؤامرات ضده، وكان بومبي من الذين انفصلوا عنه وبعدوا عن تأييده.. ولم يكن أمام (بومبي) عندما شاهد صعود نجم قيصر حتي كاد أن يصبح سيدا علي العالم كله عندما بسط نفوذه علي أسبانيا، بعد أن بسط نفوذه من قبل علي شرق نهر الراين، وغزا بريطانيا علي مدي عامين متتاليين عام 55، 54 ق.م.

لم يكن أمام (بومبي) سوي الهرب إلي مصر وقرر قيصر القضاء عليه، فجاء علي رأس حملة إلي مصر، حيث استطاع بالفعل أن يتخلص من عدوه اللدود (بومبي). وفي مصر التقي بكليوباترا. لم تكن كليوباترا فاتنة الجمال، ولكنها كانت بالغة الذكاء.. تستطيع أن تأسر محدثها بثقافتها العريضة، وقوة منطقها، فتعلق بها قلب يوليوس قيصر، ودعم سلطانها كملكة علي مصر. وسرعان ما شعر أنه لا يمكن أن يستغني عن هذه الملكة المصرية الجميلة فقرر أن تصحبه إلي روما.

وقد اختلف الرواة والمؤرخين حول تلك العلاقة التي تجمع بين يوليوس قيصر وكليوباترا.. البعض قال انها كانت تهدف من وراء هذه العلاقة أن تحقق أحلامها ليس في حكم مصر وحدها، ولكن في حكم الامبراطورية الرومانية من خلال يوليوس قيصر. والبعض الآخر كان يري أنها تريد بسط نفوذ مصر علي سوريا وأسيا الوسطي من خلال علاقتها بقيصر.

بينما رأي فيها البعض الآخر أنها غانية تستهوي قلوب الأبطال لا لشيء إلا لإرضاء حاجة في نفسها.. بأنها جميلة.. وأنها مرغوبة من مشاهير الأبطال. ومهما كان الرأي فقد ذهبت معه إلي روما وكانت ذات تأثير عنيف عليه، حتي أنه أصبح كما يقولون طوه بنانها، بل قيل أنه تأثر بثقافتها العريقة، كما تأثر بالحضارة المصرية عندما جاء إلي مصر، وشاهد روائع ما تحوي من آثار، وما كانت عليه مصر من حضارة راقية، فانبهر بالآثار المصرية.. كما انبهر بحكم الفراعنة، وتآليه الناس لهم.

ولعله جاءه هذا الهاجس عندما كان في مصر، لماذا لا يكون له هيبة ملوك الفراعنة؟ ولماذا لا تقدس الناس شخصه كما يقولون في مصر شخصية الفرعون، وهو الذي حقق لروما كل هذه الانجازات الهائلة.. من فتوحات وغزوات وإصلاحات داخلية.

وكان قيصر قد واصل زحفه إلي مصر بعد هزيمة (بومبي).. وأخذ يطارح كليوباترا الغرام، وهي آخر البطالمة، وملكة مصر الربه، ويلوح أنها لعبت برأسه تماما.
وعاد قيصر إلي روما حاملا معه فكرة (الملك المؤله) المصرية. وشاهد ذلك أن تمثاله أقيم في أحد المعابد وعليه عبارة نصها: 'إلى الإله الذي لا يقهر' ولآخر مرة اندلع من الروح الجمهورية المحتضرة بروما لهيب احتجاج أخير.

ويقول المؤرخون أن وراء تغير شخصية قيصر، كانت هي كليوباترا، وأنها هي التي زينت له أن يكون ملكا متشبها بفراعنة مصر المؤلهين، وأنهما قررا الزواج عندما يعلن نفسه ملكا علي روما والعالم، وسيصبح هو سيد العالم، وتصبح هي سيدة الدنيا. ولكن الأمور سارت بما لا تشتهي السفن كما يقولون. ففي روما دستور وفي روما مجلسا للشيوخ له قراراته التي يجب أن يحترمها الحاكم. وأن الأمور لا يمكن أن تسير علي أهواء قيصر أو كليوباترا.

فهذا المجلس هو الذي يعين القناصل وغيرهم، وهو الذي يمنح السلطات حتي يسير دولاب العمل السياسي علي أسس موضوعية ومن خلال رأي أعضاء هذا المجلس، حتي يظل للمجلس صيته ويظل للقانون هيبته. وكثيرا ما خرق يوليوس قيصر القوانين، إرضاء لطموحاته الشخصية.. وكل ذلك أغضب أعضاء مجلس الشيوخ.

وإذا كان من الصعب مجابهة قيصر، فإنه من الأسهل أن تحاك المؤامرات للتخلص منه، وبالفعل.. نجحت المؤامرة، والتي كانت تهدف إلي ضربه بالخناجر والسيوف عندما يدخل قاعة المجلس. وفي لحظة حاسمة من لحظات التاريخ، في عام (44 ق.م) وبينما كان قيصر يدخل قاعة المجلس إذا به يفاجأ بمن يطعنه بالخنجر، ثم توالي من جاءوا لاغتياله، حتي سقط مدرجا في دمائه!

والعجيب أن حادثة الاغتيال قد وقعت عند تمثال منافسة (بومبي). وبمقتل قيصر، كان لابد أن تعود كليوباترا إلي مصر من جديد، لتأخذ دورا جديدا في الصراع الروماني الروماني.. ولديها طموحات لا تحد للسيطرة علي الامبراطورية الرومانية كلها، وتصبح هي الملكة غير المتوجهة علي عرش العالم!!

السبت، 2 أبريل 2016

إعدام سقراط


كان سقراط أعظم الفلاسفة اليونانيين الذين عرفهم العالم. وظلت فلسفته تنشر شذاها في العالم.. وكان هذا الفيلسوف محبا للجمال.. ومحبا لقيم العدل.. واستطاع بذكائه الحاد أن يقضي علي السفسطة التي سادت عصره.

هذه السفسطة التي تقلب الحق باطلا، والباطل حقا بادعاء أن كل الأمور نسبية فليس هناك فضيلة مطلقة.

فالسرقة مثلا إن كانت قد أضرت المسروق، فهي مفيدة للسارق. وإذا قال أحد من الناس إن الجو حار، وقال آخر إن الجو بارد فكلاهما في رأي السوفسطائيين علي حق لأن كل واحد منهما شعر بما أحس به!

وكان من الممكن أن تفسد هذه الفلسفة الحياة، لولا أن تصدي لها الفيلسوف العظيم سقراط، وأْعاد الحق إلي نصابه.. ليعرف الناس أن الحق حق، وأن الباطل باطل، وأن الحقيقة لايختلف حولها إثنان.

استطاع الفيلسوف العظيم أن يخمد أفكار السوفسطائيين. ويضع نهاية لتشويههم الحقيقة عن طريق منهجه بأن يلقي علي سامعه الأسئلة التي تقوده إلي الحقيقة .. والتي من خلالها يظن سامعه أنه اهتدي إلي هذه الحقيقة بنفسه!

وكانت مآثر هذا الفيلسوف العظيم.. إنه كما يقولون عنه أنه أنزل الفلسفة من السماء إلي الأرض بمعني أن جعل الفلسفة تهتم بمشاكل الإنسان وهمومه.. بأن يعرف الإنسان نفسه لا أن ينطلق ببحث.

فيما وراء الوجود.. وقال كلمته الشهيرة التي كانت محفورة علي معبد دلفي (اعرف نفسك)!

كان دائما يقول:
'أني أسير في أعقاب الحق، وأتلمس آثارة تلمس كلب الصيد للفريسة'.
'أنا لا اعرف غير شيء واحد، هو أنني لاأعرف شيئا'.

أي أنه كان منتهي أمله أن يتعلم، وأن العلم هو ضالته وأن علي كل إنسان سوي أن يكون العلم ضالته.

كان سقراط ضخم الجثة، غليظ الشفتين، أفطس الأنف، جاحظ العينين، ومتزوجا من زوجة متسلطة، لأنه ترك مهنته كنقاش، وراج يجوب شوارع أثينا ينشر الفلسفة ويبشر بها دون أن يلتفت لمهنته!

وكان لابد لمثل هذا الانسان الذي يلتف حوله شباب أثينا من كل الطبقات.. الغنية والفقيرة، للاستفادة من حكمته.. والاستما ع إليه وهو يتحدث عن الإنسان وحكمة الحياة. وأنه لاينبغي الخوف من الموت.. لأن الموت إما عدم وبالتالي لن يكون ثمة شعور به.. وإما أن الأنسان سيري في هذا العالم الآخر الذين تركوا بصمات في هذه الحياة ورحلوا.. ومن هنا يسعد الانسان بهذا العالم الذي 'لانعرف عنه شيئا.. وفي كلا الحالتين لم يعد الموت مخيفا. واستمع الشباب إليه وهويتحدث عن الله ووحدانيته كما استمع الشباب إليه وهويسخر من ديمقراطية أثينا.

كل ذلك دفع البعض علي الحقد عليه حسدا من قدرته المذهلة في النقاش، والوصول بسامعه إلي أبواب الحقيقة.

وحقد عليه السوفسطائيون لأنه هدم مذهبهم في الشك في كل الأمور حتي تتقدم الحقيقة المطلقة ولم يكن غريبا بعد ذلك أن يجابه بالاتهامات التي تزج به في أعماق السجن تمهيدا لمحاكمته والتخلص من حياته بالموت!

وكان أن وجهت إليه تهمتان:
التهمة الأولي أنه لايعبد آلهه أثينا يعبد آلهة من عنده.
التهمة الثانية أنه يفسد الشباب ، وقد وجه إليه هذا الاتهام أحد تجار الجلود ويدعي أنتيس(Anytus) لأنه أفسد ابنه الذي حرضه علي ترك مهنة والده، والاتجاه لدراسة الفلسفة وقبض علي سقراط ليقدم إلي المحاكمة!

ونري من خلال ماكتبه أفلاطون علي لسان استاذه سقراط، كيف دافع سقراط عن نفسه في محاكمة ظالمة.. ومن خلال دفاع سقراط عن نفسه، نري كيف انكر الاتهام الذي وجه إليه، وكيف عاتب الذين جاءوا ليحكموا عليه بتهمة أنه ينكر الإله بجانب إفساده للشباب، ومع أنه فند كل التهم التي وجهت إليه بأسلوب جذاب، ومنطق عميق إلي أنه حكم عليه بأن يموت بالسم!

وقال لهم سقراط وكأنه يودع الحياة، ويودع أصدقاءه.. بعد أن قرر أن ينفذ الحكم ولايهرب من سجنه، وكان في إمكانه ذلك، فقد كان من بين تلاميذه تلاميذ أغنياء يمكنهم أن يفدوا استاذهم عن طريق رشوه الحراس، وتوفير الوسيلة لهرب سقراط، ولكنه رفض ذلك وقال لهم كلماته التي عاشت:
لقد أزفت ساعة الرحيل .. وسينصرف كلا منا إلي سبيله فأنا إلي الموت، وأنتم إلي الحياة، والله وحده عليم بأيهما خير.

ونقرأ في كتاب ( أعلام الفكر الأولي) نهاية سقراط كما وصف ذلك أفلاطون في (فيدون) وهوكتاب يعد من كبريات ملاحم العالم، فيقول أن تلاميذ سقراط احتشدوا حول أستاذهم المحبوب، فدعا سقراط أحدهم إليه وجعل يمر بيده علي شعره وهويشرح آراءه في الحياة والموت وخلود الروح فالموت نسيان خالد حلو لايفسده إضطهاد أوظلم أو خيبة أوألم أوحزن، أو أنه باب نلجه فنمضي من الأرض الي السماء.. إنه المدخل إلي قصر الله 'وهناك أيها الصحاب لايقتل إنسان من أجل عقائده، فابتهجوا إذن واستبشروا، ولا تأسوا علي فراقي.. وقولوا حين تودعونني القبر إنكم إنما دفنتم جسدي لا روحي'.

توشك الشمس أن تغرب، فيدخل السجان وفي يده السم ويقول:
'بربك ياسقراط لا تحنق علي فأنت تعلم أن غيري يحمل إثم موتك ولا أحمله أنا'
يقول ذلك، ويمد يده بالكأس إلي سقراط ويجهش بالبكاء وهوعائد من عنده.

لم يستطع أحدنا أن يحبس دمعه، فانهلت شئوننا برغمنا عدا سقراط فقد ظل رابط الجأش يقول لصحبه:
ماهذا السخف.. لقد صرفت النساء تفاديا لمثل هذا المشهد.. السكينة إذن ودعوني أمت في هدوء'.

فلما سمعنا هذا استجبنا وكفكفنا الدمع فلما شرب سقراط قدح الشوكران ( السم) استلقي علي سريره كما أمره السجان، وسري السم تدريجيا من قدمه صوب قلبه فاهتز هزة عنيفة، وجمدت عيناه.

كذلك كانت نهاية استاذنا الذي أستطيع أن أقول عنه بحق أنه سما في حكمته ورقته علي كل من عرفت من الناس'.

وقد صور هذا المشهد أمير الشعراء أحمد شوقي في صورة شعرية أخاذه عندما قال:

سقراط أعطي الكأس وهي منيته شفتي محب يشتهي التقبيلا
عرضوا الحياة عليه وهي رخيصة فأبي وآثر أن يموت نبيلا
إن الشجاعة في القلوب كثيرة ورأيت شجعان العقول قليلا