لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يصيب أصحابه من البلاء ، وما هو فيه من العافية ، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء ، قال لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة ، فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق ، حتى يجعل الله لكم فرجًا مما أنتم فيه ، وكان بالحبشة ملك صالح يقال له النجاشي ، لا يظلم أحد بأرضه ، وكان يثنى عليه وفيه صلاح ، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أرض الحبشة ، وكان ذلك في السنة الخامسة من النبوة ، أي في السنة الثامنة قبل الهجرة ، مخافة الفتنة ، وفرارًا إلى الله بدينهم ، فكانت هذه الهجرة أول هجرة في الإسلام ، وهي الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة .
فبلغ ذلك قريشا فبعثوا إلى عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد وجمعوا للنجاشي هدايا فقدمنا ، وقدموا على النجاشي فأتوه بهدية فقبلها ، وسجدوا له ، ثم قال عمرو بن العاص : إن قوما منا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك . فقال لهم النجاشي : في أرضي ؟ قال : نعم قال : فبعث إلينا فقال لنا جعفر : لا يتكلم منكم أحد أنا خطيبكم اليوم ، فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلسه ، وعمرو بن العاص عن يمينه ، وعمارة عن يساره ، والقسيسون من الرهبان جلوس سماطين ، فقال له عمرو وعمارة : إنهم لا يسجدون لك فلما انتهينا إليه زبرنا من عنده من القسيسين والرهبان : اسجدوا للملك ، فقال جعفر : لا نسجد إلا لله ، فقال له النجاشي : وما ذاك ؟ قال : إن الله بعث فينا رسوله ، وهو الرسول الذي بشر به عيسى برسول يأتي من بعده اسمه أحمد ، فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، ونقيم الصلاة ، ونؤتي الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ، ونهانا عن المنكر قال : فأعجب الناس قوله ، فلما رأى ذلك عمرو قال له : أصلح الله الملك ، إنهم يخالفونك في عيسى ابن مريم ، فقال النجاشي لجعفر : ما يقول صاحبك في ابن مريم ؟ قال : يقول فيه قول الله : هو روح الله ، وكلمته ، أخرجه من البتول العذراء ، لم يقربها بشر قال : فتناول النجاشي عودا من الأرض فرفعه فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ، ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه ، مرحبا بكم ، وبمن جئتم [ ص: 34 ] من عنده ، فأنا أشهد أنه رسول الله وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم ، ولولا ما أنا فيه من الملك ، لأتيته حتى أحمل نعليه ، امكثوا في أرضي ما شئتم ، وأمر لهم بطعام وكسوة ، وقال : ردوا على هذين هديتهم .
ولما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مات اليوم رجل صالح فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة".
فبلغ ذلك قريشا فبعثوا إلى عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد وجمعوا للنجاشي هدايا فقدمنا ، وقدموا على النجاشي فأتوه بهدية فقبلها ، وسجدوا له ، ثم قال عمرو بن العاص : إن قوما منا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك . فقال لهم النجاشي : في أرضي ؟ قال : نعم قال : فبعث إلينا فقال لنا جعفر : لا يتكلم منكم أحد أنا خطيبكم اليوم ، فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلسه ، وعمرو بن العاص عن يمينه ، وعمارة عن يساره ، والقسيسون من الرهبان جلوس سماطين ، فقال له عمرو وعمارة : إنهم لا يسجدون لك فلما انتهينا إليه زبرنا من عنده من القسيسين والرهبان : اسجدوا للملك ، فقال جعفر : لا نسجد إلا لله ، فقال له النجاشي : وما ذاك ؟ قال : إن الله بعث فينا رسوله ، وهو الرسول الذي بشر به عيسى برسول يأتي من بعده اسمه أحمد ، فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، ونقيم الصلاة ، ونؤتي الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ، ونهانا عن المنكر قال : فأعجب الناس قوله ، فلما رأى ذلك عمرو قال له : أصلح الله الملك ، إنهم يخالفونك في عيسى ابن مريم ، فقال النجاشي لجعفر : ما يقول صاحبك في ابن مريم ؟ قال : يقول فيه قول الله : هو روح الله ، وكلمته ، أخرجه من البتول العذراء ، لم يقربها بشر قال : فتناول النجاشي عودا من الأرض فرفعه فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ، ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه ، مرحبا بكم ، وبمن جئتم [ ص: 34 ] من عنده ، فأنا أشهد أنه رسول الله وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم ، ولولا ما أنا فيه من الملك ، لأتيته حتى أحمل نعليه ، امكثوا في أرضي ما شئتم ، وأمر لهم بطعام وكسوة ، وقال : ردوا على هذين هديتهم .
ولما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مات اليوم رجل صالح فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق