أرادت مشيئة الله أن يكون أبوه قابعا خلف أسوار السجن ، المغلقة أبوابه ونوافذه باحكام ،يعد عليه الحارس حركاته وأنفاسه ،
حبسوه ظلما وعدوانا، تهمة أبيه التى أقضت مضاجعهم اصراره على اداء صلاة الفجر، فى المسجد الذى هجره غالبية الناس ،
وكذلك ادمانه قراءة القرآن الكريم ،الذى اتخذه الكثير مهجورا ، الناس يرون أباه قرآنا يمشى بينهم ، ابن السجين ، لايأبه به الكثير من الناس ، فأبوه على قيد الحياة ، لم يفقده مطلقا ، فقد يعود إليه يوما ما ، نسوا أو تناسوا أن أحواله ربما تكون أصعب من أحوال اليتيم،الذى عادةً ما يكون فى بؤرة شعورهم ، فقيرا كان أم غنيا
أمه تأبى أن يطلع على أحوالهم القاسية أحد من البشر ،فهم جهلاء ، يحسبونهم أغنياء من التعفف،عمه الذى يسكن فى بيت ملاصق لبيتهم ، شغلته أمواله وأولاده عنهم ، لايطعمهم أو يسقيهم ، وهو يراهم يتضورون جوعا وعطشا ،واذا سأل عنهم أحد ، كانت اجابته الفورية أنهم فى أحسن حال ،
فى ظهيرة يوم من أيام الصيف الحارة ، بعفوية دخل الطفل الصغير ابن السجين بيت عمه ، رأى زوجة عمه تقلى السمك باعداد كبيرة ، لم يره فى بيته منذ سنتين ،جذبته رائحته النفاذة ، اشتهى أن يأكل سمكة ، اقترب منها رويدا رويدا ، فلما رأته نهرته وطردته بغلظة ،
عاد الطفل الى أمه أسِفا ، يتمنى أن يصرخ أو يبكى ولكنه لا يستطيع ،
فهمت ما حدث دون أن يحكى لها ابنها ، فقد شمت رائحة السمك المقلى ، لم تستطع منع دموعها التى سالت على خديها ،تركته وذهبت الى المطبخ تبحث له عن شىء ينسيه قسوة ما حدث
،عادت اليه بعد برهة من الزمن ، لترى العجب العجاب، سمكة مقلية بين يدى ولدها ، يأكلها بشغف، كانت قد التقطتها قطة خلسة ، من أمام زوجة العم ،التى ضربتها بالعصى ضربة قوية ، فرت هاربة بلا هدف، لتدخل بيت السجين ، وتلقى بالسمكة دون وعىٍ أمام الطفل المحروم ،
فى اللحظة ذاتها ، أتت احدى جارتها لتعطيها خمس بيضات – مساعدةً منها - ، لم تجد مفرا من أن تحرم أسرتها من هذا البيض ، وترسله الى بيت العم مقابل السمكة .
الكاتب : محمد شوكت الملط
حبسوه ظلما وعدوانا، تهمة أبيه التى أقضت مضاجعهم اصراره على اداء صلاة الفجر، فى المسجد الذى هجره غالبية الناس ،
وكذلك ادمانه قراءة القرآن الكريم ،الذى اتخذه الكثير مهجورا ، الناس يرون أباه قرآنا يمشى بينهم ، ابن السجين ، لايأبه به الكثير من الناس ، فأبوه على قيد الحياة ، لم يفقده مطلقا ، فقد يعود إليه يوما ما ، نسوا أو تناسوا أن أحواله ربما تكون أصعب من أحوال اليتيم،الذى عادةً ما يكون فى بؤرة شعورهم ، فقيرا كان أم غنيا
أمه تأبى أن يطلع على أحوالهم القاسية أحد من البشر ،فهم جهلاء ، يحسبونهم أغنياء من التعفف،عمه الذى يسكن فى بيت ملاصق لبيتهم ، شغلته أمواله وأولاده عنهم ، لايطعمهم أو يسقيهم ، وهو يراهم يتضورون جوعا وعطشا ،واذا سأل عنهم أحد ، كانت اجابته الفورية أنهم فى أحسن حال ،
فى ظهيرة يوم من أيام الصيف الحارة ، بعفوية دخل الطفل الصغير ابن السجين بيت عمه ، رأى زوجة عمه تقلى السمك باعداد كبيرة ، لم يره فى بيته منذ سنتين ،جذبته رائحته النفاذة ، اشتهى أن يأكل سمكة ، اقترب منها رويدا رويدا ، فلما رأته نهرته وطردته بغلظة ،
عاد الطفل الى أمه أسِفا ، يتمنى أن يصرخ أو يبكى ولكنه لا يستطيع ،
فهمت ما حدث دون أن يحكى لها ابنها ، فقد شمت رائحة السمك المقلى ، لم تستطع منع دموعها التى سالت على خديها ،تركته وذهبت الى المطبخ تبحث له عن شىء ينسيه قسوة ما حدث
،عادت اليه بعد برهة من الزمن ، لترى العجب العجاب، سمكة مقلية بين يدى ولدها ، يأكلها بشغف، كانت قد التقطتها قطة خلسة ، من أمام زوجة العم ،التى ضربتها بالعصى ضربة قوية ، فرت هاربة بلا هدف، لتدخل بيت السجين ، وتلقى بالسمكة دون وعىٍ أمام الطفل المحروم ،
فى اللحظة ذاتها ، أتت احدى جارتها لتعطيها خمس بيضات – مساعدةً منها - ، لم تجد مفرا من أن تحرم أسرتها من هذا البيض ، وترسله الى بيت العم مقابل السمكة .
الكاتب : محمد شوكت الملط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق